نلتقي اليوم بأحد رسامي الكاريكاتير، الشباب المغاربة الذين يمثلون جيلاً شاباً في مجال الكاريكاتير يتميزون بحدة الخط والفكرة التي تصل الى عمق الحدث على مستوى الطرح من خلال لعب اللعبة الصح في المكان الصح.
من هو طليل عبداللطيف؟
- من مواليد 1963 في المغرب، حاصل على الإجازة في الشريعة الإسلامية.
- احترف الرسم الساخر منذ 1987.
من أية مدرسة كاريكاتيرية متأثر أنت؟
- لا أنتمي لمدرسة محددة لكنني أفضل أسلوب السلك المنحني بعد اطلاعي على أعمال الرواد الفرنسيين والإنجليز والإيطاليين والأعمال العربية على رغم قلتها وشتاتها وتعثرها لأسباب موضوعية، لأجد نفسي بعد فترة من العمل تخلصت من الأسر ولي لهجة خاصة الآن.
ألاحظ خطوطك تميل إلى التجريد الذي يشبه المدرسة الفرنسية... فهل هذا من آثار الاستعمار الفرنسي أيضا؟
- لا يمكن إنكار جمالية الرسم الكارتوني للمدرسة الفرنسية فهي تتمتع بشيء من الجمال الخاص بها وأثر (أندريه فرانسيس) أشر تأثير في الفن الهزلي البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية فهذا ليس تأثير النفحة الاستعمارية والاستفادة من تجارب الآخر ليس عيبا... العيب هو استنساخ الآخر وإنكار ذلك في الوقت نفسه لذلك أفضل اتجاه الطريقة المسماة السلك المنحني كما ذكرت سابقا.
أسلوب يتجنب التعليق حتى يتمتع العمل بقوة التعبير ويتجنب ازدواجية التفسير.
ألاحظ على أعمالك كثرة التحوير في أشكال الأشياء... فما هو السبب؟
- الكاريكاتير هو عمل التحوير والقولبة بطبيعته لتوصيل مضمون مراقبتك وملاحظتك الشخصية لنماذج ونمط الحياة، عليك أن تستخدم الأساليب الماكرة لتجر المتلقي المثقف والمتوسط والعادي ولإشاركهم في عملية التفكير عن ظاهرة تعايش الشيء ونقيضه بحيث لم تعد قضيتي الشخصية عندما تطرح على العامة ولا أقدم إجابات بل اطرح أسئلة لنفكر جميعا وننتبه جيداً.
ممن تتأثر لترسم؟
- مادتي أستمدها من واقع يختمر بمجموعة من التناقضات، خطابات تملأ الدنيا بالتجربة الفذة والفريدة التي تصنع التاريخ المجيد وفي الضفة الأخرى واقع التردي والأمية والقمع والفقر مع إسكات العباد بمعنى أتأثر بمحيطي لأرسم.
ما هو حجم معاناتك من الرقيب؟
كأية معانات أي عربي داخل الوطن العربي فليس كلما يكتب ويرسم ويفكر فيه ينشر فعين الرقيب كعين السمكة لا يغمض لها جفن والرقابة أصبحت فضيلة، لذلك الأنظمة العربية لا يمكن «للديمقراطية العربية» أن يستوي عودها من دون رقابة ورقابة تراقب رقابة.
وهل هو رقيب داخلي؟
- مادامت القوانين والدساتير لاتزالان تكرسان قدسية الأشخاص والمساس بشخصهم المقدسة وبشخص من يدورون في فلكه هو مساس بالنظام العام وخيانة عظمى ومادامت القوانين الرقابية تفرخ كل يوم شكلاً جديداً تغدو الرقابة واقعاً نعيشه وليست حالاً تسكننا.
ألا تلاحظ أن رسام الكاريكاتير ميّال الى المواجهة والتصدي ... في نظرك لماذا الكاريكاتير ليس هو سوبرمان هو شخص عادي ككل الناس لكن عندما يتجاوز عمله مهمة الترفيه و«التضحيك» ويحول الفكاهة إلى هم إنساني حالم بواقع بديل خال من الاستبداد والمسخ والحذلقة والتطفل بالنتيجة يوصف بالصدامي وغيره من الصفات الأخرى.
هل كثرة الاختزال هي وسيلة للهروب من الرقيب؟
- عندما تريد أن توصل فكرة أو تريد أن تنبه إلى ظاهرة ما تتوسل جميع الأساليب لتصل إلى العموم لذلك يجب أن يتصف الرسام بشيء من الذكاء والخبث حتى يتحايل على الرقيب وهذا لا يعني أن طلسمة الأعمال وتعقيدها هو ضروري لتجاوز الرقيب.
ألا تلاحظ أن أسباب فشل مجلات الكاريكاتير هو المغامرة غير المحسوبة من الرسام؟
- قد تكون هناك أسباب موضوعية أكثر مما هي تقنية وذاتية فالأسباب تتداخل لكن في أجواء من الحرية والديمقراطية سيكتب النجاح لأية تجربة، والفن عموماً هو وسيلة من وسائل الاتصال الجماهيري وكما سبق وأن ذكرت لا يزدهر إلا في أجواء من الحرية.
هل نجاح رسام الكاريكاتير مقرون بالصحف والمجلات أم للأنترنت دور آخر؟
- النشر ضروري لرسام الكاريكاتير ومن دون نشر تفقد ريشته الأكسجين اللازم لاستمرارها في الخلق والإبداع، والأعمال تموت إذا لم تخرج للعامة. فلا يهم عبر أية وسيلة سأنشر لكن ميزة الانترنت تكمن في كونيته من دون أن نغفل وسيلة ذات فائدة قصوى في فك الحصار عن الرسام عكس المجلة أو الصحيفة التي يمكن أن توقف في أية لحظة على رغم أن دورهما ذو أهمية أكثر من الإنترنت.
هل تشكو من الرقيب أم من القارئ أكثر؟
- إن للرقيب دوراً سلبياً على الاثنين، نجح في تنفير وتحييد المتلقي حتى يموت الرسام بالنتيجة، هذا إلى جانب تخويفه وقمعه.
كيف تتعامل الحكومات العربية مع رسام الكاريكاتير الذي يسخر منهم صباح كل يوم؟
- تتعلم منه وتسترشد به في معرفة المشكلات التي تعاني منها البلاد ثم تحاربه بدعوى مساسه بمقدسات البلاد فالانظمة العربية تقرأ الكاريكاتير قبل أن يستفيق العموم فتقرر هل سيشاركها المتلقي في مشاهدته أم لا
العدد 1358 - الخميس 25 مايو 2006م الموافق 26 ربيع الثاني 1427هـ