العدد 1357 - الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 25 ربيع الثاني 1427هـ

يأكلون التمر... وللدولة النوى!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من السهل الحديث عن أخطاء أدعياء الليبرالية «المحلية» لكثرة أخطائهم وتخبطاتهم وشتائمهم وبذاءاتهم أيضاً، لكن من الصعب كشف المتلونين المتسترين بعباءة الإسلام وهم يفتقرون إلى محاسنه، منهجاً وسياسةً وأخلاقاً. فليس من السياسة «الشرعية» في شيء «مشاغبة» وزيرٍ في النهار أمام الجمهور وتقبيل حذائه في الليل. وليس من النهج الإسلامي في شيء حماية المسئولين المتورّطين في قضايا فسادٍ ماليٍّ وإداري، والوقوف حجر عثرة في وجه استجوابهم، مقابل صفقات تحت الطاولة، بعضها لا يتجاوز مئة دينار.

ادعاء الانتماء لتيار الإمام الشهيد حسن البنا لا يعطي حصانةً دينيةً لمن يتلاعب بالملفات الحيوية لهذا الشعب. فالتيار الذي يطرح نفسه ممثلاً للإخوان المسلمين في البحرين، أصبح مكشوفاً بسبب أدائه السياسي المراوغ ووقوفه إلى جانب كل الرغبات الحكومية مهما يكن لونها أو طعمها أو رائحتها، من أجل مكاسبه الفئوية.

الرأي العام في البحرين لم يكن بحاجةٍ إلى مثل هذه «الفضائحيات» ونشر كل هذا الغسيل الوسخ المتراكم؛ لأن كل ما نُشر يعرفه الناس في منذ سنوات، فنحن في بلد صغير جداً. يكفي ما فعله هذا التيار في وزارة التربية والتعليم من «استئثار» و«تمكين» للأصحاب والموالين، مما كان فائدته للتيار، وظل وزره على الحكومة التي مازالت تُعيّر به إلى الآن باعتباره سياسةً رسميةً معتمدةً في التمييز الطائفي. بل أن الكثير من التربويين يرجعون تغييرات المناهج ذات الصبغة الطائفية الكريهة إلى هذا التيار. من ذلك ما أجروه من تحريفات على مقرّر التاريخ الاسلامي للثانوية العامة، القسم الأدبي، إذ ركّزوا على الدولة الأيوبية وحذفوا الدولة الحمدانية من التاريخ على رغم وقوفها درعاً حصيناً في وجه غزو الروم طوال 170 عاماً لحماية شمال العالم الإسلامي. فالتاريخ يجب أن يزوّر ليرضي غرور فئةٍ متحكمةٍ في مفاصل وزارة التربية، حتى لو أدى إلى نفي الآخر من الوجود. هذا غير التعيينات والبعثات.

عقلية الإقصاء تعمل كالأخطبوط، فتضرب أذرعها كيان الوطن كله، فهي مستعدةٌ إلى تأزيم حياة آلاف الشباب والشابات من خريجي الجامعات المحلية والأجنبية، وتتركهم على رصيف البطالة سنوات، وبالمقابل تستورد مدرسين من الخارج إمعاناً في سياسة التهميش. وكان على هذه السياسة الرديئة أن تستمر سنواتٍ حتى تتعرض الدولة إلى ضغطٍ إعلامي يومي بداية عهد الإصلاح حتى تلين القبضة قليلاً وتتغير المعادلة ويبدأ توظيف آلاف الخريجين البحرينيين.

مثل هذه السياسة عندما نعرضها على الأخلاق ستسقط. لن ينفع في ترقيعها ادعاء وراثة تيار الشهيد البنا (رحمه الله)... فما أبعد هذه الممارسات عن تراث الرجل العظيم. حتى على مستوى الأداء الشخصي، اصطبغ أداء رموز هذه الكتلة تحت قبة البرلمان بالعنف والغلظة والجفاء واستخدام العضلات. بل ان حادثةً سوداء ستسجل في تاريخ الصحافة البحرينية تدين هذا التيار، حين جرجروا صحافية شابة نشرت ما قالوه للرأي العام في إحدى جلسات البرلمان، فاستولوا على شريط الجلسة دون إذن، ومحوا كل الشتائم، ومازلوا يلاحقونها إلى الآن على رغم خروجها من ميدان العمل الصحافي. بل إن بعض الخيّرين حاولوا تغليب لغة التسامح، فكان الجواب بالحرف الواحد: «لا يمكن سحب القضية فهو قرار من التنظيم». فكلام «التنظيم» أولى بالاتباع من قول الله تعالى: «والصلح خير». فظاظةٌ أم عارٌ؟

أداءٌ مشحونٌ بالعنف اللفظي والعملي، وسياسةُ استئثارٍ وإقصاء حتى مع أبناء الحارة، وتعاملٌ يصل إلى درجة اللؤم، سيئاتٌ تحسب كلها على الدولة التي مكّنتهم وأسلست لهم القياد. هم يأكلون التمر وهي تُحسَب عليها النوى

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1357 - الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 25 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً