برزت أهمية الكويت الإقليمية في نهاية القرن التاسع عشر، قبل عهد النفط، وذلك عندما بدأت الدول الكبرى آنذاك التفكير في مشروعات استراتيجية تختص بسكك الحديد التي كان مخططاً لها ان تربط بلدان الشرق الأوسط بإحدى تلك الدول. فبريطانيا كانت تسيطر على خطوط البحر لمدة طويلة، ولكن في نهاية القرن التاسع عشر صدر امتياز خاص لشركة ألمانية لمد سكك حديد ببغداد، كما كانت هناك قصص عن فكرة بريطانية لمد سكك حديد تربط مصر بسورية بالعراق بالخليج، بالإضافة الى مشروع روسي مماثل. وفي كل هذه الخطط كان اسم الكويت يبرز كاحدى المحطات المهمة في سكك الحديد الاستراتيجية. تسلمت بريطانيا الشأن الكويتي منذ نهاية القرن التاسع عشر لإبعاد نفوذ الدول الأخرى من الوصول الى هذه المنطقة الاستراتيجية بالنسبة إلى المواصلات التي كان يخطط لها آنذاك. لكن سرعان ما تحولت أهمية الكويت الاستراتيجية الى موضوع أكثر أهمية وهو النفط. على ان الكويت لها من الاهمية بالنسبة إلى الخليجيين أكثر من سكك حديد القرن التاسع عشر (التي لم تتحقق) وأكثر من النفط الذي حولها الى واحدة من اغنى دول العالم... فالكويت بالنسبة الينا شعب واع ومتحرك ورائد في الحركة الاصلاحية السياسية... والبحرين من أكثر البلدان تأثراً بما جرى ويجري في الكويت. وعليه فإن حل البرلمان الكويتي يوم الاحد الماضي لمنع استجواب رئيس الوزراء يعتبر إحدى المحطات المهمة على مستوى التجربة السياسية الخليجية. فالكويتيون استطاعوا ان يثبتوا للعالم أجمع أنهم يستطيعون تشكيل رأي عام متطور سياسياً عبر الأساليب السلمية... كما أثبت الكويتيون أن الممارسة الديمقراطية هي أساس التعامل فيما بينهم، وأن على الجميع الالتزام بضوابط الدستور الذي حفظ الكويت أثناء انتقال السلطة أخيراً، وحفظها بعد تحريرها من الاحتلال العراقي ... وهو أيضاً الذي يحفظها حالياً. والكويتيون استخدموا وسائل تعبير ذات ذوق رفيع جداً، واستطاع قادة الاتجاهات المختلفة أن يوحدوا آراءهم باتجاه واحد خدمة للمجتمع الكويتي، معتبرين ان حق الشعب في التمثيل النيابي العادل لا يمكن التنازل عنه.
وفي البحرين؛ يمكننا أن نتعلم من الكويتيين كيف نلتزم بمبادئنا الوطنية من خلال الأساليب السلمية المتطورة، ومن خلال الالتزام بالاجماع الوطني الذي يجمع أكثرية فئات المجتمع حول قضايا الشأن العام
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1357 - الأربعاء 24 مايو 2006م الموافق 25 ربيع الثاني 1427هـ