«الرأس مال الرسمي»، «السندات المالية»، «معدلات فوائد الإقراض»، العلاقة بين «المخاطرة والمكافأة»، «صناديق الإستثمار في أسواق المال»، «أقساط التأمين التقاعدية»، وطبعاً، ماذا تعني بالضبط زيادة «مؤشر نيويورك»؟. مصطلحات معقدة، وجداول أكثر تعقيداً.
هل تلعب الصحافة دور ناقل المعرفة و«الجاهل» بها؟ لاشك أن الصحافة المهتمة بالشئون الاقتصادية والتجارية هي مطلب وطني لأية دولة تسعى إلى مواكبة المنظومة الاقتصادية العالمية، كما أن دخول الاستثمارات الدولية إلى أية دولة من دون وجود صحافة اقتصادية رائدة وأجهزة مجتمعية قادرة على التعامل معها وتفعيل نجاحاتها هو «مطب مجتمعي»، له آثاره السيئة.
الصحافة المهتمة بالاقتصاد تسعى إلى إنتاج المقالات «الشفافة» و«العميقة الاطلاع»، والتي تأتي بفرح الوصول إلى قمة منحنى الاقتصاد، ومفاهيم الرأس مال الوطني. الصحافة في بعدها الاقتصادي تهتم بأن تعلم القارئ بمكانة دولته المالية بالتحديد، لا أن تربكه ببيانات مالية معقدة، ومصطلحات لم يسمع بها من قبل!
تزداد الجداول والمؤشرات، ولا يدرك القارئ حقيقة علاقته بهذه الجداول المعقدة، كما أنه يحس بحال من الاشمئزاز عندما يقرأ كلمة «التضخم الاقتصادي» وخصوصاً من دون أن يدرك ما معنى هذا التضخم؟ والأهم من ذلك، ما المشكلة بالنسبة اليه حين يعاني اقتصاده من هذا التضخم؟!
يعتقد البعض أن التوسع المثير في السنوات الماضية في أخبار الاقتصاد في البحرين أوجد خبرة عميقة وواسعة لا يمكن مضاهاتها في التعامل مع الصفحات الاقتصادية، وأن الوسائل التقنية في يومنا الحاضر سمحت لنا أن نعمل أكثر، وبصورة أفضل وأسرع. لكن الحقيقة، أننا مازلنا نجد صعوبة كبرى في تأسيس صحافة اقتصادية إيجابية، ومن دلالات هذا الضعف والتقصير تشابه الأخبار الاقتصادية بين الصحف بنسبة تزيد على 75 في المئة، بمعنى أن صحافتنا تفتقر إلى الخبر الاقتصادي الذي تنتجه الصحيفة نفسها، وإلا فلماذا يكرر المحررون الاقتصاديون في شتى الصحف أخبارهم، وفي بعض الأحيان بالصوغ والصور نفسها.
كما مازالت طبقة عريضة من البحرينيين تعبر عن جهلها بمحتوى الأخبار الاقتصادية، سواء في صعوبة المصطلحات، أو شح المعلومات التوضيحية، ناهيك عن ضعف القابلية على قراءة الملحقات الاقتصادية، أما الأهم، فهو ندرة التحقيقات الاقتصادية المرتبطة بشكل مباشر بالحياة المعيشية للناس.
من جهة أخرى، مازالت بيانات مؤسسات المال والاقتصاد خاضعة للضغوط السياسية والإدارية، ما يفقدها الصدقية. هذه المؤسسات عاجزة عن التواصل مع الشارع، بمعنى أنها لم تخلق وعياً حقيقياً عن أهميتها ودورها التنموي، وعليه، لا نلوم طبقة عريضة من «الجمهور» حين تستخدم بعض أوراق الصحف لتنظيف النوافذ، أو لافتراش وجبات الطعام
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1356 - الثلثاء 23 مايو 2006م الموافق 24 ربيع الثاني 1427هـ