العدد 1355 - الإثنين 22 مايو 2006م الموافق 23 ربيع الثاني 1427هـ

موضة آغاي نجاد... والوهم

محمد المخلوق comments [at] alwasatnews.com

مضى زمن على مضي القمم، ولم يسمع الناس عن نماذج قديرة تولت مقاليد الحكم واستحقت بجدارة وقفة إكبار وإجلال، لا وقفة مدح وثناء مجرد... ها هو اليوم رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية قد «شب عن طوق» البروتوكولات المصطنعة، فأزال الفرش والسجاد و... واكتفى بأبسط المظاهر، ولايزال يرتدي بذلاته التي يسخر منها الصحافيون متهكمين على بساطتها، متخذين منها علامة للسذاجة.

أحمدي نجاد أعلن قبل فترة إيقاف بعض موازنات برامج مخصصة لكبريات مدن إيران، لإتاحة الفرصة لصرف جزء من أموال الشعب لفئة من الشعب كانت هي المسحوقة طوال التاريخ، فيما كانت هي من حمل «الصليب» وناء بحمله، وهي من اقترع السياسيون على قميصها، وهي في النهاية من شمت «إسفنجة مملوءة بالخل» من دون أن ترتوي.

بالأمس علمنا السيد حسن نصر الله - بشهادة الجميع - عقلنة خطاباتنا وإبعادها عن الانفعالية، وكان المستفيد الأكبر من ذلك المقاومة الإسلامية في فلسطين، التي تدين بالكثير للمقاومة الإسلامية اللبنانية لا كشخص أو كمذهب بل كمبدأ، وأقول هذا الكلام كي لا يستثمر كلامي على أنه انتصار مذهبي، بل إن القضية قضية مبدأ.

أما اليوم فإن نجاد يعلم الإنسانية بسياسييها ومثقفيها وحتى علمائها الاجتماعيين درساً آخر، إنه الوقوف أمام «الوهم» الذي نصنعه نحن ولا يخاف منه سوانا، «هل نحن أطفال... تأخذون من الذهب مقابل الحلوى» تلك النكتة التي أطلقتها حكومة نجاد أخيراً احتجاجاً على حزمة المقترحات التي تقدم بها الاتحاد الأوروبي بهدف إبعاد إيران عن «النووي» وضمان بقاء الهيمنة في يد «زعماء العالم» وذنبهم الطويل «إسرائيل»...

لم يعبأ نجاد بكل الاستراتيجيات التي وضعها السياسيون قبله، ولم يعبأ بالبروتوكولات، فقد وقف معلنا - بالتوافق مع إرادة شعبه - استمرار البرنامج، وأعتقد أنه لن ينهي المسألة حتى تقر الدول الكبرى والعالم أجمع بحق الاستغلال السلمي للطاقة النووية، وحينها سيناقش معهم بجد الإجراءات الاحترازية الكفيلة بالحفاظ على السلامة.

تحتاج البشرية بين الفينة والأخرى إلى نماذج بسيطة تعكس مفاهيمها الكبيرة والمثالية على أرض الواقع بالشكل الممكن، ولكن نأمل من نجاد أن يحلحل ببساطته كثيراً من المشكلات على الساحة الإيرانية، وأن يذيب الجليد مع الأمة العربية التي لها بعض التحفظات، فالوقت قصير إذ إننا سنكون غداً أو بعد غد في موعد مع متظاهرين ضد الموضة النجادية من ومن... إذ إن تلك الشرائح داخل إيران وخارجها لن تقبل بامتيازات تفقدها يوماً بعد آخر، ولاشك أن أميركا بآلتها الحربية داخلة على الخط، والمستجار بالله..

العدد 1355 - الإثنين 22 مايو 2006م الموافق 23 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً