العدد 1355 - الإثنين 22 مايو 2006م الموافق 23 ربيع الثاني 1427هـ

الليبرالية الشّرسة... ابحث عن السبب

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يقول المؤرخون إن غالبية الحروب التي شهدتها البشرية كان وراءها الاقتصاد. أيام الجاهلية كانوا يتقاتلون على الماء والكلأ، واليوم على الذهب والمنجنيز واليورانيوم... وطبعاً النفط. نادراً ما تقوم حربٌ من أجل الله والقيم والمبادئ العليا. من هنا ابحثوا عن أسباب هذه الحرب الكلامية المفتوحة بين بعض الأطراف المتنفّذة في الساحة، نزعت عنها كل مساحيق الحياء والأدب وتجاوزت كل حدود المعقول والمقبول، حتى وصل الفجور في الخصومة إلى مهاتراتٍ صبيانية.

طبعاً الشعب البحريني لا يخدعه غبار المعركة، فقد خبر مواقف «أدعياء» الليبرالية ضد تطلعاته لأكثر من ربع قرن، فلم يجدهم أوفياء لحرية التعبير ولا الديمقراطية ولا حقوق الإنسان. من هنا عليكم أن تبحثوا عن «حزمة» الأسباب.

قبل شهر، نشرت وكالات الأنباء صور المظاهرة التي خرجت في المحرق وارتدى فيها بعض الصبية قمصاناً تحمل صور بن لادن، لتصوير البحرين عمداً كـ «عش للزنابير الإرهابيين». وكان لابد من كفٍّ سريع.

وفي الوقت الذي يشارك النظام الرسمي العربي في عملية محاصرة «حماس»، بمن فيهم رئيس السلطة محمود عباس، تجفيفاً لمنابع «الإرهاب»، طُرحت دعوةٌ محرجةٌ في البرلمان إلى تقديم 10 ملايين دينار للفلسطينيين. وكان لابد من كفٍّ آخر على هذه الوقاحة.

في السوق هناك كلامٌ عن ملايين الدنانير يجري استثمارها في قطاع السياحة «غير النظيفة» الذي يشهد انتعاشاً ملحوظاً، وهناك حساسيةٌ شديدةٌ في الشارع تجاه هذا التوجه الاقتصادي، انتقل بدوره إلى البرلمان فشهد جلسات ساخنة وحرباً كلامية، وصلت ذروتها حين وصف وزير الإعلام ما يجري بـ «ماخور الدعارة»، ففتحت عليه الزنابير «الليبرالية» نيرانها، واستخدمت في انتقاده لهجةً لا تقل عنفاً من لهجته «الصريحة أكثر من اللازم»، حتى شكّك البعض في مدى صلاحيته لإدارة الوزارة. القضية من النوع الذي لا يمكن السكوت عليه، فكان لابد من كفٍّ ثالث. وهكذا «تجمعت النصال على النصال» كما يقول المتنبي.

كتّاب أعمدة «الموالاة» و«دعاة أمن الدولة» الذين كانوا يطلون برؤوسهم في كل مظاهرةٍ أو مسيرةٍ أو اعتصامٍ سلمي، لـ «ضرب» هذه الحقوق التي كفلها الدستور والقانون للمواطنين... هؤلاء ما كان لهم أن يسكتوا على اضطراب «الأمن السياحي»، وتجاوز الخطوط الحمراء الكثيرة، فكانت هذه الحملة الشرسة التي لم يُوَفّر فيها أسلوبٌ من أساليب التحشيد والتزوير، وكل فنون الكذب والقذف والشتائم البذيئة، لأول مرةٍ في تاريخ الصحافة في البحرين.

طبعاً هذه قراءة للأسباب الخفية، وليست تبريراً أو دفاعاً عن موقف الطرف الآخر الذي لا تقل مواقفه سوءًا ولا استخداماً للأساليب الملتوية والتحالفات «غير المقدسة» ضد مصالح الشعب، بدءًا من استجوابات الوزراء والتأمينات وانتهاء بحزمة القوانين السيئة المقيدة للحريات والخانقة للأنفاس. حتى مطالبة وزير المالية بتقديم كشوف لحسابات الطرف الآخر وما في ذمته من «دين عام» وإيجارات 18 عاماً، لم يتكلموا عنها لولا تجاوز «الحملة التأديبية» كل الخطوط الحمراء. وإلاّ فإن الأدلة و«المستمسكات» وفيرة وكاملة الدسم، ولو خصّص البرلمان ما بقي من عمره لمناقشتها ورقةً ورقةً لما انتهى منها إلاّ بعد 10 سنوات! فدعوا عنكم الإسلام والليبرالية وحرية التعبير والصحافة، فالعين البحرينية لا تحتاج إلى تكحيل

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1355 - الإثنين 22 مايو 2006م الموافق 23 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً