الحراك السياسي في الكويت لم يعد مستقراً بعد التطورات التي طرأت في مؤسسة الحكم، وبتنا في الكويت نمسي على معركة ونصبح على أخرى، حتى أصبح البعض يبقى متيقظاً طوال الليل خوفاً من بدء المعركة من دون وجوده!
ويبدو أن البعض في الكويت قد أغرته هذه الأوضاع ليعمل على العودة إلى المربع الأول في تجربة الديمقراطية الكويتية، حينما عمد بعض الكويتيين في العام 1938 إلى بدء المشوار الديمقراطي على أساس عنصري استبعد بعض الفئات والطوائف الفاعلة في المجتمع الكويتي.
اليوم بدعوى الإصلاح وإعادة توزيع الدوائر الانتخابية، يسعى أولئك إلى فرض غالبية نيابية زائفة لا تمثل حقيقة الطيف الاجتماعي الكويتي، وبالتالي الاستئثار بالقرار السياسي الشعبي في البلد.
الكل في الكويت (يبيها خمسة) أو (يبيها عشرة)، ولكن أولئك (يبونها) مفصلة على مقاسهم، والغالبية الحقيقة (تبيها عادلة) تساوي بين المواطنين ولا تجعلهم أقساماً وطوائف.
فكيف يمكن أن نحقق مقاصد الدستور الكويتي الذي يدعو إلى العدالة والمساواة، ويقدم هذا المشروع المختل توازنه؟
كيف يكون لـ 16 ألف مواطن حق متساوي مع 49 ألف مواطن؟
كيف ينتخب 80 ألفاً 20 نائباً و250 ألفاً 30 نائباً؟
كيف توزع الكويت على أساس مناطق داخلية ومناطق خارجية... مناطق داخلية «فيرست كلاس» ومناطق داخلية «درجة سياحية»؟
أصل البلاء في هذه المعركة حينما سمحت الحكومة بخريجي الانتخابات الفرعية الطائفية والمعروفين بمواقفهم الطائفية المتطرفة ليقوموا بصوغ مشروع القانون... كان من الأولى أن تجد الحكومة تركيبة متوازنة تقوم بصوغ قانون تعديل الدوائر الانتخابية إذا كانت هي فعلاً مؤمنة بالتعديل والإصلاح!
الإصلاح السياسي أصبح اليوم مختصراً لدى أولئك في تعديل الدوائر، مع أن الفساد ليس فقط في شراء الأصوات والانتخابات الفرعية، والتي لا يمكن القضاء عليها بالتوزيعة الجديدة، بل أجزم أنها ستكرس أكثر وخصوصاً مع هذه الروح العنصرية التي أيقظت بشعارات إصلاحية!
باختصار، قضية الدوائر في الكويت أصبحت كالكرة التي تتقاذفها أطراف عدة، والمشكلة أننا في هذا الملعب لا نجد فريقين بل فُرَقاً، وحكم الساحة غائب، وحكام الراية في إجازة، فليس أمام الكويت إلا أن ينسحب أحد الفرق، أو يتدخل صاحب الشأن ليطلق صافرة النهاية، لتنتقل المباراة إلى مباريات عدة في الأزقة والحواري!
هذه حال الحملات الانتخابية القادمة قريباً جداً جداً..
العدد 1354 - الأحد 21 مايو 2006م الموافق 22 ربيع الثاني 1427هـ
