المتتبع للشأن الفلسطيني يرثى للحال التي وصل لها الصراع بين «فتح» ممثلة في الرئاسة الفلسطينية و«حماس» ممثلة في الحكومة. قد يعذر الناس خارج فلسطين من يعيشون بداخلها وذلك نتيجة للضغوط التي يحدثها الحصار العالمي والتجويع المضروب عليهم جراء اختيارهم الديمقراطي لـ «حماس» في الانتخابات. ولكن التمادي في الخطأ من جانب الطرفين (فتح وحماس) غير مقبول خصوصاً أنهما حركتان نشأتا من رحم معاناة الشعب. فكيف يكون هناك تضارب في السلطات بين الرئاسة والحكومة وبين يديهما القانون الأساسي للسلطة و محكمة دستورية يمكن الاحتكام إليهما؟!. وكيف تقع معارك بين قوة إسناد ،شكلت من قبل وزير الداخلية لمساعدة الأمن الفلسطيني ومواجهة الفوضى، وبين عناصر من «فتح» والجميع من دم واحد؟!.ألا يستفيد الفلسطينيون من تجارب القوات المتعددة الجنسية الموجودة اليوم في جميع بقاع العالم والمختلفة في اللغة واللون والأعلام ومع ذلك نجد بينها انسجام وتنسيق عاليين. و في كل بلد توجد أجهزة أمنية رسمية وأخرى شعبية مساندة لها.
أما أسخف قضية فهي مصادرة الجمارك الفلسطينية لمبلغ كان المتحدث باسم «حماس» يريد إدخاله من مصر، ومسارعة الرئيس محمود عباس بإجراء تحقيق معه وكأن الأمر يتعلق بمخدرات أو أسلحة. ولا أدري ماذا يدور بخلد الزعماء في تلك اللحظة إن لم يكن المبلغ ضمن مساعدات للفلسطينيين حتى وإن كان خاصاً بـ «حماس» فهي أساس الحكومة، في ظل امتناع المصارف من تحويل المساعدات. كان يمكن أن ينهى الموضوع من دون علم أحد، لأن ذلك يصب في مصلحة كل فلسطيني سواء خصص المبلغ لمواجهة المجاعة أو مقاومة الاحتلال. وما زاد الوضع سوءاً، الانفجار الذي استهدف رئيس المخابرات وتوجيه أصابع الاتهام إلى «حماس» بالوقوف من ورائه، ولماذا استبعاد فرضية العملاء الساعية لإشعال فتيل الحرب الأهلية، رغم تبني «القاعدة» للهجوم؟.
إن الشخصية الفلسطينية معروفة بالفطنة والحكمة عبر السنين وقد صقلتها المحن والنكبات،ولكن أن يغيب الوعي الفلسطيني في هذه المرحلة الحرجة من النضال فهذا أمر مرفوض تماماً، والمصير والهدف مشترك والعدو واحد، وبالتالي يتحتم على قابيل الفلسطيني أن يفيق من غيه قبل أن يندم على فقد أخيه
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1354 - الأحد 21 مايو 2006م الموافق 22 ربيع الثاني 1427هـ