انتشرت في السنوات القليلة الماضية في الأسواق المحلية ظاهرة عرفت باسم «الولاء» (Loyalty). وهي عبارة عن بطاقة يحصل عليها الزبون لقاء نقاط يحققها، ويزيد عددها طرديا مع كمية المنتجات التي يشتريها من شركة معينة أو الخدمات التي تقدمها تلك الشركة. وتنافست مؤسسات مثل شركات الطيران، وسلسلة الفنادق في تطوير هذا المفهوم، فرأينا بطاقات الولاء أولاً، ثم بدأ التسلسل فيها، فكان منها الماسي، والذهبي، والفضي... إلخ وكلها تعبر عن مدى ولاء الزبون لتلك الشركات، أو بمعنى أدق المبالغ التي يصرفها كي يؤكد ذلك الولاء.
المرهق في الموضوع أن تلك الشركات تطلب من زبائنها تأكيد الولاء على نحو دوري، عادة ما يكون في نهاية كل عام عندما تتم الجردة السنوية التي حينها قد يفقد الزبون المرتبة الولائية التي حققها عبر سنوات من إثبات الولاء، وربما وصل الأمر إلى فقدان البطاقة ذاتها. وبقدر ما نجحت تلك الشركات في إغراء زبائنها بضرورة الالتحاق ببرامج الولاء تلك، بقدر ما نجحت في قسرهم على إثبات ولائهم بشكل سنوي من خلال ارتفاع أرقام النقاط التي يحققونها في تلك البرامج. هذا الامتحان السنوي لقياس الولاء يضع هذا الزبون تحت قلق مستمر خشية تدني مرتبته، أو فقدانه لبطاقة ولائه الأمر الذي يحرمه من بعض الامتيازات التي حققها بفضل سنوات من إثبات الولاء المطلوب.
في بلداننا لا تقف حدود التأكد من الولاء عند الجانب التجاري، بل تتجاوزها لتصل إلى المجال السياسي، إذ يطلب من المواطن أن يثبت ولاءه بشكل دوري... لكن الوتيرة هنا ليست سنوية كما هو الحال مع برامج الولاء التجارية بل هي يومية الأمر الذي يجعلها أكثر إرهاقاً. ويزداد الأمر سوءا عند الترويج لمشروع سياسي معين حينها يتنافخ المنافقون كي يضعوا هم مقاييس الولاء التي تتحول إلى مقدسات لا تمس ومسلمات لا تناقش.
والضحية هنا هو المواطن الذي يحمل في ذهنه معنى مختلفا للولاء الذي ينبع من داخله ولا يجد ذلك المواطن أي سبب أو مبرر كي يكرر إثباته دوريا وفي حركات أكروباتية تثير الضحك او الشفقة أحيانا، وتدعو للغثيان أحيانا أخرى.
وإن كان من المؤكد أننا قادرون على تحمل فقدان بطاقات الولاء التجارية، فمن المسلمات أنه ليس بيننا من يجرؤ على، حتى مجرد التفكير، القبول بمس ولائه السياسي لوطنه.
وللولاء، في الحالين، معنى آخر
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1353 - السبت 20 مايو 2006م الموافق 21 ربيع الثاني 1427هـ