العدد 1353 - السبت 20 مايو 2006م الموافق 21 ربيع الثاني 1427هـ

تسوية أم تدويل

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

يستعد الاتحاد الأوروبي إلى تقديم ما أسماه «الحوافز» إلى إيران خلال اجتماع لندن الذي سيعقد بحضور دول مجلس الأمن الدائمة العضوية زائد ألمانيا. فالاجتماع المذكور أجل قرابة أسبوع لاستكمال مناقشة تفصيلات العرض أو ما وصف بـ «إجراءات تشجيعية» تريد إقناع طهران بالتخلي عن برنامج تخصيب اليورانيوم ونقله إلى خارج أراضيها.

العرض السابق رفضه الرئيس الإيراني ووصفه بأنه محاولة لمقايضة الذهب بالحلوى. وقادة الاتحاد الأوروبي استغربوا رفض «حوافز» لم تقدم إلى القيادة الإيرانية أصلاً. فالإجراءات التي قيل إن الاتحاد رفعها إلى قيادة طهران كانت مجرد تسريبات صحافية قصد منها استفزاز إيران ودفعها إلى موقع يعزلها عن دول وهيئات لاتزال تتمسك بإمكان التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة.

باب التسوية إذاً لم يغلق حتى الآن. ودول «الاتحاد» تراهن على أن عرضها مغر ويصعب على قيادة إيران السياسية رفضه بهذه السهولة.

ماذا تحمل «الحوافز» من جديد؟ حتى الآن لايزال الكلام عن «الإجراءات التشجيعية» مجرد تسريبات صحافية وهي تنقسم إلى لائحتين: الأولى تتضمن الاغراءات. والثانية تشمل العقوبات. فإذا وافقت طهران على الأولى تبدأ الإجراءات والاتصالات لتنفيذها ميدانياً حتى لا تكون مجرد وعود تقال علناً ولا تطبق فعلاً. وإذا رفضت طهران «الحوافز» تبدأ الإجراءات لتنفيذ خطوات اللائحة الثانية وهي تشمل مجموعة محطات لممارسة الضغوط والعقوبات.

الاتحاد الأوروبي ينتظر يوم الأربعاء لإعلان الصفقة وهي في جوهرها لا تختلف كثيراً عن تلك التسريبات. فالعرض يتضمن مجموعة إغراءات (أو وعود) تبدأ باقتراح أوروبي يفضي إلى مساعدة إيران في بناء عدة مفاعلات تعمل بالمياه الخفيفة وإنشاء خزان للوقود النووي وتقديم ضمانات تتصل بوحدة وسلامة وسيادة أراضي الجمهورية الإسلامية، إضافة إلى مساعدات مالية واقتصادية وتقنية.

«الحوافز» إذاً سياسية وأمنية واقتصادية مضافاً إليها «حق إيران في الطاقة النووية لأهداف سلمية»، ولكن هذا «الحق» مشروط بأن تعلق إيران كل أنشطتها المرتبطة بالتخصيب أو إعادة المعالجة. أي بكل بساطة وقف مشروعها النووي أو نقله إلى خارج أراضيها. ومثل هذه الشروط رفضتها قيادة طهران السياسية حين أكدت أنها مستعدة للتفاوض في كل المجالات والحقول انطلاقاً من اعتراف الدول الكبرى بحق إيران في التخصيب المستقل وداخل أراضيها.

هل هذا يعني أن المفاوضات فشلت قبل أن تبدأ؟ حتى الآن باب التسوية لم يغلق بانتظار ما ستكون عليه «الحوافز» التي يتوقع أن تعلن رسمياً بعد اجتماع لندن يوم الأربعاء المقبل.

المشكلة في الموضوع أن مساحة المناورة بين الطرفين وصلت إلى «حد السيف» ولم يعد بالإمكان كسر المعادلة من دون اللجوء إلى القوة أو التراجع عن البرنامجين. فإيران ليس أمامها من طريق سوى التراجع عن برنامج التخصيب ومكانه أو الدخول في مواجهة دولية تحتاج إلى حد أدنى من المساندة الروسية - الصينية. والاتحاد الأوروبي المدعوم أميركياً ليس أمامه أيضاً من طريق آخر سوى تطوير «حوافزه» وتوضيح بعض التفصيلات لنزع الشكوك والهواجس أو إلغاء لائحة «الاغراءات» والانتقال إلى لائحة «العقوبات» المفترض تقديمها إلى مجلس الأمن في حال رفض طهران صيغة «الحوافز».

لائحة «العقوبات» التي تسربت طويلة وهي تشبه كثيراً تلك الخطوات التي اتبعت سابقاً في فترة حصار العراق وتطويقه. فالعقوبات تشمل ست خطوات مباشرة وتسعاً غير مباشرة ومجموعها تتضمن سلسلة نقاط مثل فرض حظر على تصدير المعدات، ومنع الإيرانيين من الدراسة خارجاً، حظر التأشيرات ومنع سفر شخصيات سياسية ودبلوماسية، وحظر الأسلحة وغيرها من تدابير تستهدف في النهاية «البرامج النووية والصواريخ الإيرانية».

السجال إذاً وصل إلى حدوده النهائية. فالاتحاد الأوروبي يستعد لتقديم «الحوافز» إلى جانب «العقوبات» وإيران تنتظر العرض فإما أن تدخل «باب التسوية» وتعود بالملف إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإما أن ترفض العرض وتدفع بالملف إلى مجلس الأمن. والأمر الأخير يعني فتح الباب على رياح التدويل

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1353 - السبت 20 مايو 2006م الموافق 21 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً