مساء الجمعة الماضي احتشد كويتيون في الساحة المقابلة للبرلمان، التي أطلقوا عليها «ساحة الإرادة»، وخلافاً لما كان يتوقعه البعض، فإن التجمع بدأ وانتهى سلمياً، بل إن الشباب المشاركين قاموا بتنظيف الساحة بعد منتصف الليل من قناني الماء ومن كل المخلفات التي تحدث في مثل هذه التجمعات.
وزير الداخلية الكويتي اتخذ خطوة جريئة ولم يرسل قوات الأمن أو مكافحة الشغب إلى الساحة، وكان الداعون إلى التجمع قد جهزوا لهم «باقات من الورد» في حال وصل رجال الأمن.
ووسط هذا الاحتشاد السلمي، وقف زعيم المعارضة (الليبرالي) أحمد السعدون وخطب بعد أن أقسم بالاستمرار في المطالبة بخمس دوائر انتخابية عادلة وأن يستمر في المطالبة باستجواب رئيس الوزراء.
ومن ثم وقف السياسي المخضرم عبدالمحسن جمال (شيعي) ليؤكد الموقف ذاته، وبعده تحدث النائب مسلم البراك (قبلي)، والنائب ناصر الصائغ (إخوان) ووزير العدل السابق أحمد باقر (سلفي)، وجميعهم أقسموا على مواصلة معارضتهم «البرتقالية»، ومطالبتهم باستجواب رئيس الوزراء على أسلوب تعامله مع مطلب تعديل الدوائر الانتخابية، وعلى محاولة الحكومة الالتفاف على هذا المطلب الشعبي.
وغداً الاثنين من المتوقع أن تشهد الجلسة البرلمانية تجمعاً «برتقالياً» داخل البرلمان، وإذا صدر منع لحضور المعارضة التي يغلب عليها الطابع الشبابي، فإن من المتوقع أن ينتقل التجمع إلى «ساحة الإرادة» حول البرلمان.
وفي جلسة الغد فإن على رئيس الوزراء أن يتنازل عن قراره بإحالة موضوع تعديل الدوائر الانتخابية إلى المحكمة الدستورية (وهو ما يعني تأجيل وتسويف الموضوع وتمييعه على مدى سنة أو سنتين)... أو مواجهة طلب رسمي سيتقدم به 29 نائباً لاستجوابه، وفي كلتا الحالين فإن التاريخ السياسي للممارسة البرلمانية في الكويت والخليج ستعاد كتابته، وسيشهد المسرح السياسي الخليجي تفعيل دور الرقابة البرلمانية لتصل إلى مستوى محاسبة رئيس الوزراء لأول مرة.
الضغط الشعبي (الذي أطلق عليه: الحركة الشعبية البرتقالية)... وتحالف الاتجاهات الرئيسية داخل البرلمان (ليبراليون، سلف، إخوان، شيعة) على هدف واحد أبرز معنى القوة السياسية الناتجة عن الاجتماع الوطني الملتزم بقواعد اللعبة الدستورية وقواعد العمل السياسي السلمي، وهو خير مثال تقدمه لنا الكويت بعد سبات عميق أصابها بعد احتلال صدام حسين لها العام 1990
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1353 - السبت 20 مايو 2006م الموافق 21 ربيع الثاني 1427هـ