لم يشأ النواب أن ينهوا دور الانعقاد الرابع من دون أن يدوّنوا إنجازاتهم بماء الذهب وبالخط العريض في صفحات التاريخ، ولم يشأ الأربعون المنتخبون من الشعب أن يسدل الدور الرابع ستاره من دون أن يقدموا هدية إلى الشعب، أسوة بما منحوه للشعب مع نهاية الدور الثالث بإقرار قانون الجمعيات السياسية، وكان للنواب ما أرادوا فأنهوا جلستهم الثلثاء الماضي بإقرار قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات.
قانون سيئ، هو أبسط ما يمكن أن يطلق على هذا القانون، مضيق للحريات، ومكبل للحقوق الدستورية التي كُفلت للشعب للتعبير عن رأيه، والغريب أن تمرر السلطة التشريعية قانوناً يمنح السلطة التنفيذية أياً كان موقعها سلطة تقديرية في تحديد إمكان إقامة هذه المسيرة في هذا الموقع، فضلاً عن تقدير مدى ملاءمة الوقت لإقامة المسيرة.
وما يعاب على مشروع القانون - وإن اتفقنا مع ضرورة وجود تشريع ديمقراطي ينظم عملية التعبير عن الرأي شريطة ألا يؤثر ذلك على هذا الحق - أنه يسعى إلى تنظيم وتقنين حرية التعبير عن الرأي بأسلوب بوليسي وبطابع أمني محض يفتقد المعالجة الموضوعية، ومما لا شك فيه أن هذه المعالجة التي يسعى إليها مشروع القانون بخصوص المسيرات والتجمعات ستفرز على المدى القريب أو البعيد آثاراً سلبية لا تحمد عقباها على صعيد العلاقة بين الحكومة والشارع والجمعيات السياسية.
تمرير قانون التجمعات سيئ الصيت في جلسة الثلثاء الماضي كان مرهوناً بلعبة التوازنات التي أعاقت مشروعات كثيرة، ومن جديد أثرت التركيبة غير المتوازنة لمجلس النواب في تمرير هذا القانون، على رغم الجهود التي بذلت من قبل بعض النواب لتعطيل مشروع القانون أو تعديل ما يمكن تعديله للتخفيف من وطأة نصوص القانون في التضييق على حرية التعبير. كما لا يخفى على أحد أن من أقوى ما دفع إلى تمرير القانون هم نواب الحكومة الذين مرروا القانون فكان للحكومة ما أرادت
العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ