العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ

سقوط امرأة بحرينية بسبب المخدرات

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

قرأت عنهم، وكتابات كثيرة في علم النفس تتحدث في كيفية التعاطي معهم. وبقوا في المخيلة الشعبية كائنات حية غير بشرية. وتلك هي جزء من خطئنا. هل هم بشر؟ هل يمتلكون قلبا آدميا؟ أليس من حقهم ان يعودوا الينا؟ هل هم مرضى أم وحوش؟ قبل ان نلج الجرح، نغمس اصبعنا في جرحنا النرجسي أيضاً، يجب ان نعترف بأننا ساهمنا بشكل أو بآخر في انتكاسة بعض من رجعوا إلى الصواب، ولكن لسوء تعامل الناس معهم عادوا إلى ما كانوا عليه. المخدرات التمساح الذي يقف كل يوم على مفاصل شوارع قرانا ليلتهم شبابا في عمر الزهور، يفري لحمهم، يهشم عظامهم، ثم يلقيهم على ابواب المدينة، منهم من ترك طفلة يتيمة لتصارع الحزن، والمأساة تكبر، إذ تهطل دموع لتصنع اخاديد على محيا البراءة المنتظرة لقسوة الزمن، والطفولة القادمة من الأسى إلى حيث الحزن، عندما يكون المتعاطي امرأة بحرينية. خرجت امرأة بحرينية مصابة مبكرا من التوقيف، وبعد أيام قلائل انتهشها التمساح تاركة وراءها طفلا صغيرا، يسألنا، يسأل المجتمع والحكومة وزارة الصحة وكل العالم: أين أمي؟ ما دورنا في احتضان هذا الطفل اليتيم؟ أن تسقط امرأة بحرينية مصابة بالمخدرات فهذا جرس انذار للجميع.

هذا التمساح الجاثم على بوابات القرى والمدن، كل يوم يرقب زهرة طالعة، أو قنديلا يتدلى في عتمة الحزن والقهر. وأسبابه: قساوة في التربية، العصا والضرب والعنف تقود الشاب إلى حيث الهروب من المنزل. وفوق كل ذلك الجلوس بين اسنان الفقر. وكلما أكل التمساح واحدا ركضنا في (هيصة المنتصر) فان مات القيناه في المقابر غير آسفين، وإن بقي فيه شيء من الروح هرولنا به إلى وحدة المؤيد القابعة في مستشفى الطب النفسي. ولعلكم تسألونني عن وحدة المؤيد؟ انها احدى المعجزات السبع في دنيانا. وحدة كانت بدرة انسانية زرعت في البحرين تستحق الشكر، لكن البدرة تحتاج إلى رعاية ودعم وماء ومال وتهيئة. سأكتب مقالا بعنوان: يسألونك عن وحدة المؤيد؟ ولانصاف الوحدة لابد من تقديم باقة ورد إلى العاملين فيها، من يسهرون لأجل حماية أبنائنا وعلاجهم. وشكر يقدم إلى مسئول وحدة المؤيد عبدالنبي درباس على عطائه الانساني وموقفه النبيل.

اقول: سأتطرق إلى هذا الملف المؤلم عبر مقالات لتروا حجم المعاناة المشتعلة في هذا الملف، وخصوصا المتعافين من المخدرات ومدى قسوة المجتمع في تعامله معهم؛ وكثير لا يفرقون بين المتعاطي والمتعافي.

هل تريدون شيئا من نثر الدموع؟ دعونا نسكبها على الجروح بشيء من ملح ألم الواقع، لعلها توقد بقية من ضمير تهشم على محطات الواقع الجاهل.

ام بحرينية فقدت ثلاثة من أبنائها بسبب المخدرات وبقي اثنان رهن التوقيف للسبب ذاته. هذا جرس انذار لنا جميعا وعن دورنا في علاج هؤلاء واحتوائهم ودمجهم في المجتمع. دور الحكومة بإنشاء مركز للعلاج والتأهيل كما هو مستشفى بهمن في مصر ومستشفيات الأمل في السعودية (4 مستشفيات في الدمام، الرياض، القصيم، جدة) وفي أميركا مصحة هيزل دن. لماذا في البحرين فقط وحدة المؤيد على رغم ان المصابين في ازدياد وهناك من هم على قائمة الانتظار؟ أقدم شكري إلى الحملة الوطنية للوقاية من المخدرات التي انطلقت في 10 مايو / أيار الجاري، لكن أحب ان أقدم اليهم ملاحظات: شبابنا المرضى يقدرون هذا الموقف، لكنهم يريدون اجراءات عملية تنعكس على واقعهم، حتى لا تصبح قضيتهم موسمية مثل فاكهة المشمش تطلع في السنة مرة واحدة ثم تنسى بقيت الشهور. اخاطب الضمائر الحية من التجار، ووزارة الصحة والحكومة قائلا: ان وحدة المؤيد تحتاج إلى تطوير، بل ابناؤنا هؤلاء يحتاجون إلى مركز كبير، وحدة المؤيد بطاقمها لا تستطيع استيعاب المرضى فهي وحدة اضحت تسير على البطارية.

هل تعرفون عدد الأمهات البحرينيات اللاتي فقدن ابناءهن بسبب هذا المرض؟ كيف يكون شعور الأم عندما تستقبل نبأ وفاة أحد أبنائها ملقى على البحر ملفوفاً في قماش أو موضوعاً في كيس بلاستيكي؟ بدورنا يجب ان نعقد الهمة متعاونين لمحاربة هذا التمساح الجاثم على أبواب قرانا ليفترس أبناءنا. الحل ليس بالصراخ، ولا بالضرب، ولا باهانة المتعاطي من فوق المنابر، ولا بالقائه في السجن، وإنما باستراتيجية وطنية علمية مدروسة تساهم فيها الحكومة والصحافة وعلماء الدين والمجتمع، وأهالي المصاب كي يتعافى هذا المصاب. هل تعلمون عدد الذين شفوا من هذا المرض في بريطانيا وأميركا بسبب التعاطي العلمي معهم؟ لنا حلقات في ذلك

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً