اكتساب خبرات وآليات العمل الديمقراطي هو شيء جيد وينبغي ان نستفيد من المعهد الوطني الديمقراطي في هذا الشأن... وفي الوقت نفسه هناك أمور بالغة الخطورة ينبغي التصدي لها؛ كتحريض ضعاف النفوس على المطالبة بالمحاصصة الطائفية مثلاً! وتكريس الوضع الطائفي قانوناً!
شرخ المجتمع عمودياً وبالقانون هو أمر خطير جداً، ولكن هل «المعهد» قام بإجبار هؤلاء على قبول الفكرة أم إنهم من الأساس لم يكونوا سوى طائفيين حد النخاع ولديهم القابلية للاستعمار والاستحمار. عل وعسى أن يظفروا بشيء «فوق البيعة»، أي خارج إطار المواطنة! على حد وصف الزميل نادر كاظم.
تحدث كاتب السطور رافضاً تكريس الطائفية قانوناً، فما كان ممن يتباهى بطائفيته إلا أن استشاط غضباً عليَّ. وهذا «الطائفي» أقام الدنيا شرحاً للفروقات بين قرى «قلالي» و«الدير وسماهيج»، جاهلاً، أو متجاهلاً بأنني أعلم عن أمور تلك القرى ما ليس له به من علم؟! وطبعاً كلامه يتكئ على عصا مجوفة لا تقوى على حمل رجل طائفي وإن كان ضعيف البنية... إذ بيوت «قلالي» الجديدة كلها ملك خاص، أي هناك مواطنون أقدموا (بقروض اسكانية أو عقارية شخصية) على شراء القسائم السكنية وأقاموا عليها مساكنهم، أما بيوت «قلالي» القديمة فلا فرق بينها وبيوت «الدير» و«سماهيج»، إن لم تكن أسوأ منها في بعض الحالات! وتحدث «الطائفي» عن الخدمات والبنية التحتية... ولا أعلم عن أي خدمات بمنطقة «قلالي» سوى وجود مدرستين ابتدائيتين واحدة للبنين وأخرى للبنات، ويستشفى أهالي «قلالي» في مركز الدير الصحي، وبنات «قلالي» يدرسن في مدرسة الدير الابتدائية الإعدادية للبنات، و«الدير» و«سماهيج» في كل منها نادٍ و«قلالي» بها نادٍ واحد، ويمثل الدير وسماهيج نائب واحد في مجلس النواب، ويمثل قلالي ومنطقة خلف المطار إلى فريج البنعلي بالمحرق نائب واحد! وعلى العموم فأهل قلالي والدير وسماهيج بينهم صداقات قديمة وقوية جداً، ونادراً ما أجد أحداً من أصدقائي من القرى الثلاث من لا تربطه علاقات صداقة مع أبناء القرى الأخرى.
يبدو هناك اتفاق بين أصحاب هذا النفس الكريه على استخدام «الكليشة» ذاتها في جولات دغدغة المشاعر وتهييج العواطف الطائفية. إذ يبدأ حديثهم في غالبية الحالات بمقارنة بين «قلالي» و«الدير وسماهيج»! ويروي لي الأستاذ «بوأمل» عن أحد الطائفيين أنه بدأ حديثه بتلك المقارنة فما كان من «أبوأمل» إلا أن ضحك فهو من سكنة «قلالي» ويعرفها جيداً! وقلت للأستاذ عبدالرحمن النعيمي: اعتقد ان هذه الاطروحات ليست إلا عملية استدرار للعطف الجماهيري ودعاية انتخابية للفصل التشريعي القادم!
كل قرى البحرين ومناطقها القديمة بحاجة إلى تنمية ونهضة عمرانية وإعادة تخطيط، فلنبدأ بالأسوأ سواء كانت تلك القرية شيعية أم سنية محضة أم مختلطة. جميعها محسوبة علينا كبحرينيين وينبغي أن نطالب بعمارها ونهضتها جميعاً.
أما علاقة التنظيمات السياسية والناشطين والنخب مع المعهد الوطني الديمقراطي فإنني اعتقد ان الأحزاب والتنظيمات السياسية في الدول العربية قد بلغت سن الرشد القانوني ولديها القدرة على تمييز الغث من السمين. وفي قبال ذلك؛ فإن أنظمة الأمر الراهن بلغت سن اليأس، ولا رجاء في ولادة إصلاح حقيقي تنموي شامل، وعدالة اجتماعية وتوزيع عادل للثروة. أكتبها وكلي أسف هذه هي الحقيقة
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ