العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ

إسمها «عولمة»... مسبتها «أمركة»!

عادل مرزوق Adel.Marzooq [at] alwasatnews.com

-

ليست مطاعم «الوجبات السريعة» صناعة أميركية، ولا الملاهي، ولا حتى الأفلام السينمائية، وعليه ليست هذه «العولمة» أميركية كما يذهب أصحاب التعريفات البسيطة أو «الساذجة»، الأميركيون أنفسهم «مستهلكون» لهذه العولمة، وإن كان ثمة «شركات كبرى» تتحكم بهذه اللعبة العولمية، فإن تلك الشركات العملاقة لا تُعرف نفسها بأنها «أميركية»، بل بأنها شركات «متعددة الجنسية»، مقرها الولايات المتحدة.

قبل ظهور «ماكدونالدز»، كانت سندويشات السمك والبطاطا المقلية تباع في بريطانيا. وكانت حدائق وملاهي «تيفولي» في كوبنهاغن الأشهر قبل «ديزني لاند»، والتي استعملها الأميركي والت ديزني كنموذج أساسي لأول حديقة ملاهي أنشأها في أناهايم بولاية كاليفورنيا. وكانت فرنسا وإيطاليا قبل الولايات المتحدة أكبر دولتين مصدرتين للأفلام السينمائية.

يذهب الباحث الأميركي ريتشارد بلز في رده على تلك الهواجس والأوهام بشأن اختفاء اللغات، والتقاليد القومية، وتدمير «الهوية» الفريدة لكل بلد تحت ثقل العادات والحالات الذهنية الأميركية، إلى أن مجمل «العلاقات الثقافية بين الولايات المتحدة وبقية بلدان العالم، لم يكن لها في أي يوم، طوال المئة سنة الماضية، جانب وحيد فقط. بل على العكس، كانت الولايات المتحدة، ومازالت تلعب دورها كبلد يستهلك التأثيرات الثقافية والفنية الأجنبية، بالقدر نفسه الذي كانت تصوغ فيه وسائل ترفيه العالم وتحديد أذواقه».

أميركا وطن المهاجرين هي في تكونها الثقافي منتج «عالمي» صنعه هؤلاء المهاجرون، وليس هو بمثابة التطور المتسلسل لإنسان محدد، فيما يتقاطع مع الحال الثقافية لمرضى القوميات والأحلام الكبرى كالألمان، أو المسلمين، أو أخيراً عبر الموضة العتيقة، والقادمة من الجديد، والمتمثلة في إعادة حطام «القومية العربية».

المشكلة، هي أن شتى الحضارات العالمية شاركت ومازالت تشارك في صوغ هذه العولمة، ما خلا العرب، لذلك تجدهم مشغولين بأمراضهم العقلية التاريخية في توهم أن مجمل المظاهر العولمية هي محاولة لطمس الهوية الثقافية العربية، وأن مقتضيات السياسة العولمية الجديدة حين تعصف بالدول العربية الرجعية ليست سوى «مؤامرة» أميركية، يصنعها اللوبي الصهيوني «الوهمي»!

ومن هنا، كان «تأثير المهاجرين على الولايات المتحدة هو ما يفسر سبب شعبية ثقافتها طوال هذه المدة الطويلة»، وفي أماكن مختلفة من العالم. انتشرت الثقافة الأميركية عبر العالم لأنها دمجت الأساليب والأفكار الأجنبية ضمن ثقافتها بالذات.

يعلق ريتشارد بلز قائلاً «إن ما قام به الأميركيون بصورة لامعة أكثر من منافسيهم خارج الحدود كان كناية عن إعادة تغليف المنتجات الثقافية الآتية من الخارج، ثم إعادة إرسالها إلى بقية أنحاء الكرة الأرضية. لهذا أصبحت ثقافة «العولمة» توصف، على رغم كون هذا التوصيف تبسيطياً، على أنها ثقافة «أميركية»

إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"

العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً