تناول خطباء الجمعة يوم أمس عدداً من القضايا التي تنوعت بين نقد استغلال المنابر للدعاية الانتخابية، والتحذير من تبعية المسجد وإمام الجماعة، والتذمر من غياب الخشوع في الصلوات وأخيراً ضرورة الاهتمام بفترة الامتحانات وتوفير الأجواء المساعدة للطلبة.
تحدث خطيب الجمعة في جامع طارق بن زياد في المحرق الشيخ صلاح الجودر عن دعوة وزارة الشئون الإسلامية جميع خطباء الجمع وأئمة المساجد من دون استثناء الى عدم استغلال منابر الجمع ودور العبادة لأغراض الدعاية السياسية والانتخابية وخصوصاً مع قرب موعد الانتخابات النيابية والبلدية. مؤكداً تأييده لهذا التعميم، ومشيراً إلى أن «هذا النهج المتزن الذي يراعي مصلحة الوطن والمواطن، وخصوصاً أن الساحة اليوم مشحونة بممارسات غريبة وأفعال مستوردة من الخارج لم يعهدها المجتمع البحريني من قبل»، موضحاً أنه «يجب علينا جميعاً إبعاد الجوامع ودور العبادة عن الصدامات السياسية أو الترويج للحملات الانتخابية بطريق مباشر أو غير مباشر، ويجب عدم استغلال الخطب في الشئون السياسية التحريضية والتصفيات الشخصية، أو الترويج لهذه الجمعية أو ذلك التيار»، منوها إلى أن «مثل هذه الممارسات لا تزيد المجتمع إلا تأزما، وستعمل على تفرقة المجتمع وتصنيفه وفرزه».
وأضاف الجودر «أن منابر الجمع لم توجد لتصفية الحسابات أو الزج بها في قضايا التحريض والكراهية ضد الآخرين، إنما هي منابر وعظ وإرشاد، ومنابر إصلاح وتوجيه، لذلك نهيب بكل الإخوة عدم الانصياع إلى دعوات التفرقة والتشرذم وكراهية الآخرين التي أصبحت مع الأسف الشديد أسفينا في الوحدة الوطنية»، مؤكداً أن «على الغيورين السعي لوحدة الوطن وإرشاد الناس إلى المنهج الرباني القويم الذي يدعو إلى الحكمة والموعظة الحسنة، ويؤكد الاعتصام والوحدة».
تحدث خطيب الجمعة في جامع الإمام الصادق بالدراز الشيخ عيسى قاسم عما أثير بشأن كادر الأئمة، قائلاً: «أريد أن أؤكّد أن المجلس غير مستعدّ نهائيّاً للدخول في المهاترات، ولا التنازل عن شخصيته المعنوية الدينية التي تجعله يسلك طريق الدين والحكمة».
ثم سأل قاسم: «استقلالية المسجد وإمام الجماعة والجمعة وتبعيتهما لجهة رسمية هل يستويان؟، لا أظنُّ أن يذهب ذاهبٌ إلى أن استقلاليتهما وتبعيتهما سواء، ولا أن التبعية أولى»، موضحا أن «بين المسجد والمؤسسة الرسمية من حيث الوظيفة صوراً هي أولاً: استقلال وظيفي فالمسجد يتحدث في أمر والسياسة تتحدث في أمر آخر (...)، فالمسجد يتكلم عن الكفن (...) والسياسة تتحدث عن الحكم (...)»، منوها إلى أنه «في هذه الحال لا يكون شغل للسياسة بالمسجد، ولا تتشاغل بشأنه أساساً، هذا النوع لا يُبذل عليه فلس واحد من قبل السياسة».
وأضاف قاسم «والصورة الثانية هي تداخل وظيفي تتحدث السياسة في الأحوال الشخصية، ويتحدث المسجد في الأحوال الشخصية (...) للسياسة طريقتها في تقسيم الثروة، وللمسجد رأيه واقتراحه في تقسيم آخر للثروة، إنه تداخل وظيفي واحتكاك بين المسجد والسياسة (...) وهنا يسهل على السياسة بل يجب على السياسة أن تبذل الكثير من أجل احتضان وتوجيه والسيطرة على المسجد»، مشيراً إلى أنه «مرة تتفق الرؤية بين الطرفين في الأحوال الشخصية (...) أو في كل مجال من المجالات، وهذا ما كان على عهد رسول الله (ص)، وفي هذه الحال يكون تناصراً وتكاملاً وتآزراً بين المسجد وبين المؤسسة السياسية في كل مرافقها، فالمسجد يدعم السياسة، والسياسة تدعم المسجد».
وتطرق قاسم إلى صورة أخرى من صور العلاقة بين المسجد والسياسة، وهي اختلاف الرؤية بينهما، مشيراً إلى أن «هذه حالة تقسم الأمة (...)، تجعل السياسة معادية كل المعاداة للمسجد وتضطر المسجد لأن يقول الكلمة التي تضير السياسة، وفي هذا الفرض تأتي أهمية المسجد من قبل السياسة (...)، وتكبر المواجهة كلما شطّت السياسة بعيداً عن طريق الدين، وكلّما حرص المسجد على أن يلتزم خطّ الرسالة»، مضيفاً «عند اختلاف الرؤية إمّا أن يسكت المسجد، ويتحول إلى شيطان أخرس، أو ينطق المسجد ويتحول إلى شيطان ناطق (...)».
وأشار قاسم إلى أن «مشكلة الصراع تنتهي بين المسجد والسياسة، بأن يكون للمسجد موقف الصمت من السياسة (...)، ويكون التصالح (...) والدعم الهائل للمسجد حين يتحول إلى شيطان ناطق، فينطق بما تريده السياسة»، مردفا «أما إذا اتّجه المسجد إلى قول الحق، فإن العلاقة ستكون مرهقة وربما غُلق المسجد وطُرد إمام المسجد بقوّة السياسة». موضحا أنه «إذا كانت الحكومة ستعطي رواتب بلا تبعية فذاك موضوع آخر، وإذا كانت ستعطي رواتب مع التبعية فهي الكارثة التي لا ريب فيها، وهو الموقف المحرج دينياً، والذي لا يمكن المساومة عليه، ولا اتخاذ موقف الصمت منه، نجح الموقف المعارض أو لم ينجح، فإنها الوظيفة الشرعية التي لابدّ منها، والداخلة في الأمر بالمعروف وإنكار المنكر».
وأكد قاسم أنه «لا تردّد في أن رواتب مربوطة بالتعيين والفصل لإمام المسجد تمثِّل انعطافة خطيرة في تاريخ مذهبنا على الأقل، ومفارقةً لخطّ الأئمة (...) أقولها صراحة يلزمني الإسلام بها»، سائلاً: «هل التبعية مقرّرة أو ليست مقرّرة؟، كل الخلاف في هذه الجزئية، أما بعد أن تكون التبعية مقرّرة فلا أرى أحداً من المتشرّعة يقول بصحّتها»، مشيرا إلى أن «التبعية قرّرها نظام الكادر في أكثر من مادة، (...) وكل الجدل الدائر بشأن ضرر التبعية المشروطة في المشروع وعدم التبعية وأن الرواتب تُدفع تبرّعا وإحساناً أو تدفع قبال وظائف محددة وشروط معينة وتعيين (...)، هذا النقاش يجب أن يتوقّف بعد صدور التوضيح في إحدى الصحف المحلية» (تضمن توضيح الصحيفة نصوصاً لكادر الأئمة استعرضها قاسم في خطبته).
من جانبه، اعتبر خطيب الجمعة في جامع سار الكبير الشيخ جمعة توفيق أن زحمة الحياة أضاعت شيئا مهما في حياة الإنسان ألا وهو الخشوع، مشيراً إلى أن «انشغال الناس بالحياة سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو هماً في طلب الرزق برزت مشكلة من المشكلات، وأخذت تظهر للعيان، وتشاهد بين أوساط المسلمين، وبسببها نشفت العيون (...)، تزور بيوت الله تعالى فلا ترى من يتصف بهذه الخصلة، وتعتمر أو تحج فترى الناس في شغل وانهماك ولكن في غير ما أراد الله تعالى، ما الذي حدث وما الذي تغير؟ إنها مشكلة عدم الخشوع في الصلاة»، سائلاً: «أين ذهب خشوعنا؟ وأين ذهب الناس الذين نراهم في العمرة أو الحج وكل واحد دمعته لا تفارق خده؟ ما الذي حل بالناس؟ أسئلة كثيرة تتوارد على قلب المسلم عله يجد جواباً».
وأضاف توفيق «أن من أراد أن يجد الدواء لابد له أن يضع يده على الداء، وإن من أخطر الأدواء هو انقلاب العبادة إلى عادة، يتوضأ لكل صلاة ويصلي، وماذا بعد ذلك؟ لا شيء، واعلموا أن الخشوع من صفات الصالحين والمفلحين، وسبب الفلاح هو الخشوع، فهل أصلحنا القلوب لنجدها عند كل صلاة؟»، مشيراً إلى «اننا نصلح البيوت وطلاءها إذا فسد، ونراقب حركة المال والرزق زاد أو نقص، ولا نراقب درجة خشوعنا أفي زيادة أم نقصان، لقد شغلتنا الدنيا بملهياتها حتى انقلبت العبادة إلى عادة تؤدى كل يوم من دون روحانية». مؤكداً أن «علاج ضياع الخشوع معلوم لمن بحث وكل بحاله، فلنتذاكر بعض العلاجات لعلنا ننال الخشوع في الصلاة، وأولها يجب أن نعلم لمن نصلي، فمن علم لمن سيصلي وما قدر هذه الصلاة عند الله خشع في صلاته».
وأشار توفيق إلى أن «تأمل الإنسان وتدبره فيما يقرأ من آيات يقود الإنسان إلى الخشوع، وكذلك الاستعداد الحسن للصلاة، فكم من الناس يأتي إلى الصلاة وهو يدافع الأخبثين»، موضحاً أن «من أعظم ما يعين على الخشوع هو جعل الإنسان في قلبه أن هذه الصلاة هي آخر صلاة يصليها». قائلاً: «حافظوا على صلاتكم، فلو تأملتم واقع المسلمين لما وجدتم من دينكم إلا هذه الصلاة التي تربطنا بهذا الدين العظيم، فالحكم بما أنزل الله ضيع وحكم بغير ما أنزل الله، ولم يبق إلا بعض الأحكام التي تسمى بالأحوال الشخصية، فاحرصوا على هذه الصلاة، إذ ينادى بها في المساجد». منتقداً حمل الهواتف النقالة في المساجد، ومؤكداً أن المساجد تشكو من حامليها،
مشيراً إلى «أننا نبهنا مراراً وتكراراً على ذلك كما أنه وما من مسجد إلا وشكا الهواتف النقالة، وما أرى هذه الهواتف المتنقلة إلا سبباً لضياع الخشوع من الصلاة لأن فيه تشويشاً مضراً بروح الصلاة والطمأنينة فيها»، مردفا «بل إن التوسع في الهواتف النقالة أصبح خطيراً بما يحمل من أغان فاحشة وموسيقى صاخبة، وأصبح من يحمل الجوال في حيرة إن كان في المسجد خشي رنينه، وإن كان في سيارته وسوس له الشيطان بأنه ربما رن ولم يسمعه»، موضحا أن «الهاتف النقال شر في المساجد لأنه يذهب الخشوع، ولم يتوقف الأمر عند المساجد بل حتى في المقابر، ويدفن رجل وفي جو الحزن والتأثر وتذكر الآخرة تأتي أغنية من جوال تغني (فرحت لما فارقتك)».
دعا خطيب الجمعة في جامع فاطمة الزهراء (ع) بالدوار الرابع في مدينة حمد الشيخ حسن سلطان الطلبة وأولياء الأمور الى «الاستعداد بصورة جيدة للامتحانات وتوفير الأجواء المناسبة للطلبة، لأن التعليم هو أحد الركائز الأساسية للتخلص من الفقر وتحدي التمييز والبطالة». كما انتقد سلطان تمرير اللجنة التشريعية بمجلس النواب التعديل على مرسوم بقانون رقم 14 بشأن مباشرة الحقوق السياسية والذي حرم أي محكوم عليه بالسجن لمدة 6 شهور فما فوق من حقوقه السياسية، موضحاً أن «افتخار الحكومة بانضمامها إلى مجلس حقوق الإنسان تقابله إخفاقات وتراجعات على الأرض في انتهاك حقوق الإنسان».
من جهته تساءل خطيب جامع الإمام الصادق في منطقة القفول الشيخ علي سلمان عن المرحلة المتبقية لبدء الانتخابات البرلمانية بالقول: «ما ندري كم المرحلة المتبقية، ولكن يبدوا أن جزءاً من التأخير لصالح تمرير قوانين وسلق قوانين، الآن في ثلاث ساعات مر قانون التجمعات، قانون التجمعات به مشكلات كثيرة وطرحت عليه الكثير من المواقف والبرامج في شكل ندوات وبيانات ومسيرات وتجمعات ولقاءات وفي شكل صوغ قوانين بديلة، إلى درجة كبيرة. المجلس في ثلاث ساعات مرر الموضوع بعدما أتى من اللجنة التشريعية، ومر بأمراض، مازال هناك تحسين إلى الصورة السيئة التي سحبتها الحكومة وبعد ذلك عاودته بشكل تعديل بدل من أن يكون جديدا ومررته بهذا الشكل ولكن بقيت مساحة كبيرة إلى تحكم وزير الداخلية ومدير الأمن العام في حرية التعبير، والله قرر مدير الأمن العام وقرر وزير الداخلية بأن هذا الخط إلى المسيرة غير صحيح وأن هذا الخط يؤدي إلى كذا وهذا الخط والتوقيت يؤدي إلى كذا، ووضعت في القانون بعض العبارات العامة التي أيضاً يجعل تفسيرها في يد السلطة التنفيذية والتي أيضاً كعادتها تسبب لنا المشكلات، عبارة المناطق الحيوية على سبيل المثال، والسلطة التنفيذية ممكن أن تضرب يميناً وشمالاً وتسمي أي مكان منطقة حيوية وتمنع التعبير فيها، في تشديد على العقوبات».
وتناول الشيخ سلمان في خطبته محور كادر الائمة متسائلا: «هل نحن مع أن تضع المؤسسة الرسمية متمثلة في وزارة الشئون الإسلامية أو غيرها لخلق مستقبل تضع فيه الوزارة سلطتها على صوغ الخطاب المنبري وتوجيه هذا الخطاب وتحديد أولوياته؟ هل نحن مع هذه الصيغة للمنبر أو لا، إذا كنا نحن لسنا مع هذه الصيغة علينا أن نكون في غاية الحذر من كادر الأئمة، وعلينا بما نشاهده في الدول الأخرى الدول الإسلامية من أن غالبية المنابر في مصر وتونس والجزائر وفي كثير من دولنا الإسلامية مؤممة، هل نحن مع هذا النمط أو لسنا معه، نعتقد بأن الخير في أن تأتي الخطوط الرئيسية لخطبة يوم الجمعة من وزارة الشئون الإسلامية أو من وزارة الداخلية أو من وزارة العدل، هل هذا ما يحقق لنا إرادة رسول الله (ص) وإرادة الله سبحانه وتعإلى أو لا، كادر الأئمة هذا هو مساره وتوجهه وهذه هي الإرادة منه وهذه هي الإرادة مما يراد أن تصبوا له مثل هذه المشروعات»
العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ