العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ

الإعدام... خطأ لا يمكن إدراكه

ساهمت منظمات حقوق الإنسان دولياً ومحلياً في تنمية الوعي، وزيادة الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان. وحين تتطرق هذه المنظمات لحقوق الإنسان، فإنها لا تستطيع إغفال أول هذه الحقوق، وأكثرها قدسية، والمتمثل في حق الإنسان في الحياة. تبعاً لذلك، تعمل هذه المنظمات على إلغاء عقوبة الإعدام بوصفها شكلاً من أشكال العقوبات التي لا تتناسب مع مستوى التطور الحضاري والإنساني الذي من المفترض أن تكون قد بلغته حضارة الإنسان. وتم اعتبار العاشر من أكتوبر/ تشرين الأول من كل عام يوماً عالمياً لمناهضة عقوبة الإعدام.

وما الإعدام إلا حرمان للمحكوم عليه من الحق في الحياة عن طريق تشريع قتله. وهو عملية قتل واعية، تقوم بها الدولة ضد الفرد. ومن هنا بدأت الدعوة إلى إلغاء عقوبة الإعدام في اواسط القرن التاسع عشر، وبلغت ذروتها في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين، حماية لقدسية الحق في الحياة، وذلك الحق الذي وهبه المولى للإنسان، وليس لأحد غير الله الحق في استرداده.

ويسوق المدافعون عن عقوبة الإعدام جملة من الذرائع، تتمثل في كل من الردع الخاص الذي يبعد الإنسان عن ارتكاب الجرائم خوف العقوبة، والردع العام المراد به حماية المجتمع من العبث بأمنه عن طريق ردع أفراده بهذه العقوبة. وأخيراً، تحقيق فكرة العدالة القائلة بجزاء المثل بالمثل.

إلا أن المسيرة التاريخية للجنس البشري قد بينت زيف الدعاوى القائلة إن عقوبة الإعدام بإمكانها خلق مجتمع خال من جرائم القتل، إذ ليست هناك دلائل على هذه المقولة، بل إن الحقائق تثبت أنه حيثما كانت هناك عقوبة الإعدام وما يرافقها من استعباد واستغلال شديدين عادة، كانت الجريمة أكثر انتشاراً وأكثر نخراً لجسد المجتمع وتهديداً به.

إضافة إلى ذلك، يفترض في القانون أن يكون حاملاً لنقيض جريمة القتل، وليس مجيزاً لها تحت تسمية أخرى، فإما أن ترفض مسألة ولا تجيزها لنفسك، أو أنك بممارستها وتحت أي مسمى، فإنك تعمل بطريقة أو بأخرى على ترسيخها وإشاعتها.

كما لا ينبغي أن تساق الحجج الدينية لتطبيق عقوبة الإعدام، فالإسلام لم يناد بتطبيق عقوبة الإعدام، وإنما نادى بالقصاص في حال القتل العمد، والذي يمكن الاستغناء عنه بعقوبة الدية (المتمثلة في التعويض) في حال تسامح أهل الضحية مع الجاني.

وأمام الجدل واسع النطاق في العالم بشأن جدوى هذه العقوبة، فإن الالتزام بحقوق الإنسان - وفي مقدمتها الحق في الحياة - في ضوء المعايير الدولية من دون تحفظ من قبل الحكومات، من شأنه أن يقلل حتماً لجوء الفرد إلى الجريمة كشكل من أشكال الاحتجاج الاجتماعي على الأقل. كما أن مواجهة الدول لمظاهر الفساد ورفع الظلم عن فقراء الناس، وتأمين حياة كريمة لجميع المواطنين، وسيادة روح القانون، من شأنها إحياء صوت الضمير الإنساني الذي بات مهدداً بمختلف مظاهر العنف.

هدى محمد علي حميد

العدد 1352 - الجمعة 19 مايو 2006م الموافق 20 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً