المتتبع لمجريات الساحة الخليجية منذ أيام قليلة وخصوصاً في الكويت يجد أن الشارع الكويتي فاجأ عربياً ودولياً بإمكاناته في المعارضة من أجل الحفاظ على الثوابت الديمقراطية وذلك من خلال تأكيد حق المواطن الكويتي في أن يقول كلمته بكل حرية وجرأة أمام الحكومة الكويتية من دون خوف.
فالكويتيون الذين لبسوا «التي - شيرت» البرتقالي مع بنطال الجينز على غرار أوكرانيا ولبنان ومصر، حاملين أعلاماً برتقالية ولافتات رُسم عليها رقم خمسة، في إشارة إلى الأخذ بقرار اللجنة التي شكلتها حكومتهم بجعل الدوائر الانتخابية خمس من أصل خمس وعشرين، ومن ثم محاولات الحكومة تحديدها بعشر، متجاهلة قرار اللجنة التي شكلتها وأحالت الموضوع إلى المحكمة الدستورية... جميعها مؤشرات تدل على مدى تطور المناخ الديمقراطي في هذا البلد النفطي الصغير.
فمنذ أسبوع كامل والحوادث الكويتية تتوالى بدءاً من استقالة وزير الإعلام السابق أنس الرشيد، إلى الانتفاضة البرتقالية السلمية التي جاءت نتيجة ما حصل من جدلية واسعة النطاق بشأن تعديل عدد الدوائر الانتخابية... هذه المعارضة لم تكن ذات لون واحد بل جمعت بين مختلف الأطياف، أي من الديمقراطيين والليبراليين إلى الإسلاميين نواباً ومواطنين.
إن هذه الحوادث لم تحدث قط في تاريخ الخليج الحديث، وإن كانت البحرين مازالت تناطح كفة الإصلاح والديمقراطية التي هي واقعاً في طور نموها، أما باقي دول الجوار فالتجارب تكاد تكون معدومة في هذا الجانب بسبب غياب الحراك السياسي في مجتمعاتها لأسباب كثيرة.
لقد دخل برتقاليو الكويت قاعة مجلس الأمة وطالبوا بأعلى أصواتهم بإسقاط الحكومة قبل أن تمنعهم قوات مكافحة الشغب من الدخول في اليوم التالي، أي أمس الأول، بينما طالب النواب المعارضون من أحمد السعدون ووليد الطبطبائي وغيرهما بضرورة استجواب رئيس الوزراء الكويتي، إذ كان هذا المنصب سابقاً يجمع بين ولاية العهد ورئاسة الوزراء الذي كان لا يسمح بذلك الاستجواب.
هذه جميعها تطورات جديدة على الساحة الخليجية، لكن ليس بغريب على الكويتيين الإقدام على هذه الخطوات التي تدافع عن إرث ديمقراطيتهم المعروفة منذ زمن على مستوى المنطقة. فمن بعد رفع الحظر على التجمعات والمسيرات بإلغاء القانون المقيد لذلك، عبّر الكويتيون - وهم أصحاب خبرة في الديمقراطية - عن حقهم في الاعتراض بشكل علني بدءاً من الاعتصام ونصب الخيم، إلى إقامة التجمعات والمسيرات السلمية، قرب مقر مجلس الأمة في العاصمة الكويتية.
لكن هنا، في وطننا البحرين، بعض النواب الأفاضل يعملون على تقليص الحريات وتقييد المسيرات السلمية والتجمعات، متناسين أنهم عندما دخلوا مجلس النواب انتخبوا بسبب الشعب، وبدلاً من أن يتحدثوا باسمهم وباسم حقوقهم ومطالبهم، كونهم يمثلون الشعب، يتخذون مواقف لا تعبّر عن إرادة الشارع الذي انتخبهم... فهذه هي البحرين وتلك هي الكويت
إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"العدد 1350 - الأربعاء 17 مايو 2006م الموافق 18 ربيع الثاني 1427هـ