العدد 1349 - الثلثاء 16 مايو 2006م الموافق 17 ربيع الثاني 1427هـ

إعادة هيكلة

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

مع بروز وتنوع الأنشطة الصناعية بهدف الاحلال محل الواردات للكثير من السلع والمنتجات تولد شعور لدى الكثير من اصحاب الانشطة التجارية سواء في البحرين أو دول المنطقة بأن هذه الانشطة الوليدة والتي تحظى بدعم وحماية حكوميتين قد تؤثر بشكل او بآخر على انشطتهم التجارية وخصوصاً الاستيرادية، خصوصا ان الحكومة لجأت في السابق الى اسلوب منع استيراد بعض السلع لفترة زمنية محددة لإعطاء المجال امام المنتج المحلي المماثل لتثبيت مكانة في الأسواق.

ولعل هذا الخوف هو ما جعل بعض الفعاليات التجارية ان تظهر عدم التحمس للتوجهات الصناعية المبذولة، والامتناع عن المشاركة فيها، بل وفي بعض الاحيان عدم الممانعة لسياسات الاغراق التي اتبعتها بعض كبريات الشركات الاجنبية في الأسواق المحلية. لقد خلق هذا الوضع ما يشبه التعارض في المصالح بين القطاعين الصناعي والتجاري، في الوقت الذي يفترض فيه ان يكون هناك تعاون وتنسيق بينهما.

ومع تبلور واشتداد التحديات التي تواجه نماذج التنمية المطبقة، فإن جهود تنويع مصادر الدخل أخذت الاولوية وباتت الحاجة اليها مسلمة ما يستدعي وجود تنسيق أكبر واقوى بين انشطة القطاعات الاقتصادية المختلفة، وفي مقدمة هذه القطاعات قطاعا الصناعة والتجارة نظرا للترابط الوشيج بين مستلزمات نجاح كليهما وبالتالي نجاح جهود تنويع مصادر الدخل نفسها. فمن الجانب الاقتصادي المحلي نجد ان الازدهار التجاري لا يمكن ان ينمو ويستمر اذا ما اقتصرت التجارة على النشاط الاستيرادي، وبالتالي على جانب واحد من انشطتها، او انها اكتفت لتصدير المواد الخام. فكلا الاحتمالين يضعان البلد في موقع ضعيف، وتجعله اكثر ارتباطا بالتطورات الخارجية والدولية ويصبح معه متعذرا اتخاذ القرارات الاقتصادية بمعزل عن تلك التطورات.

ان أهمية التنسيق بين القطاعين الصناعي والتجاري تزداد حيوية، بل وتأخذ ابعادا استراتيجية اعمق عندما ننتقل من مستوى الاقتصاد المحلي الى مستوى التكامل الاقتصادي. انه من المعروف ان احد الاسباب الرئيسية لضعف التجارة البينية بين دول مجلس التعاون هو ضعف القاعدة الصناعية، وتشابه الهياكل الاقتصادية كونها مصدرة بشكل رئيسي للنفط الخام.

ان الحديث عن قيام سوق خليجية مشتركة، وقيام جدار جمركي موحد يبقى فاقدا للكثير من مضامينه الحقيقية في غياب اقتصادات متنوعة الانشطة والانتاج. لذلك يصبح من الضروري معالجة التناقض الظاهري القائم بين الصناعة والتجارة واحلال التعاون والتنسيق بينهما وذلك من خلال اتخاذ التدابير التي تهدف الى تنمية وتنويع وتكامل القدرات الانتاجية وزيادة الصادرات، والاستفادة من الامكانات الاقتصادية والبشرية الخليجية وهذا يتطلب بدوره قيام اشكال كثيرة من التعاون مثل التعاون بين القطاعات المنتجة والقطاع التجاري للاستفادة المشتركة من ازدهار الصناعة اقليميا واعطاء القطاع التجاري دوراً رئيسياً في تمثيل وتسويق المنتجات الوطنية وفتح الأسواق الدولية امامها، ما يخلق فرصاً واسعة لتعظيم القيمة المضافة المتولدة محليا والمعاد استثمارها محليا ايضا، ولإيجاد فرص اوسع للعمالة الوطنية، ولبناء اقتصادات معتمدة على نفسها ذاتيا، وتغذي بعض انشطتها البعض الآخر وبالتالي تحجيم تأثير المؤثرات الخارجية غير المأمونة

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1349 - الثلثاء 16 مايو 2006م الموافق 17 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً