للخبير الأميركي في الإعلام David Chambers رؤية مهمة تساءل فيها عن الطريقة التي يتعامل بها الإرهابيون مع الإعلام. ويرى الخبير الأميركي «أن الإعلام هو السلاح الأكثر خطورة في الحرب الحالية على الإرهاب». ويشير «إلى قدرة الإرهابيين على استخدام السلاح الإعلامي لترويج أفكارهم، وتسجيل عملياتهم» بحسب رأيه.
من منظور إعلامي «واقعي» نعترف أن الهدف الرئيسي لأية وسيلة إعلامية هو إعطاء رأي معين، ومن ثم نخطو نحو تسويقه بين المواطنين، وذلك بما ينسجم مع توجهات المالكين والقائمين على الوسيلة الإعلامية صحافة مكتوبة أو مرئية على السواء. لكننا نجد - والحديث لـ divaD - «أن هذه الوضعية تأخذ منعطفا خطيرا بالنسبة إلى وسائل الإعلام الكبيرة ذات الرصيد الجماهيري الضخم بصورة عامة، إذ ان القسم الأكبر من هذه المؤسسات يريد إقناع الشعوب بدلا من منحهم المعطيات لكي يحكموا عليها بأنفسهم، وتستلزم عملية الإقناع التركيز على الجوانب التي تخدم مصالح مجموعة ما دون غيرها، وهو ما لا يمنح الفرصة الكافية للأفراد لكي يكوّنوا آراءهم بحرية وبأنفسهم».
وعليه، فإن المشكلة تتضح في «أن الإعلام الأميركي يخاطب الأنظمة العربية الحاكمة التي لا تمثل شعوبها لأنها أنظمة غير منتخبة، ولا يخاطب هذه الشعوب بصورة مباشرة، لذلك نلاحظ أن المحتوى الإعلامي (media content) للأجهزة الإعلامية العربية يقبع في منطقة مغايرة لمجمل ما يعيشه الإعلام الغربي تقنية ومهنية وأهدافا.
الإعلام الذي يدور بين أرجائنا هو إعلام «إرهابي» بامتياز، هو لا يهتم بسلسلة النجاحات السياسية في التوافق الأخير بين القوى العراقية المتناحرة على الحكم، لكنه يفرد الصفحات الأولى لمقتل «جندي أميركي»، في معنى مضمر يحاول هذا الإعلام فرضه على الجمهور، ومفاد هذا المضمر الإعلامي أن عمليات الإرهاب في العراق انتصرت.
يشير Chambers إلى «وجود دبلوماسية عامة مضادة يمارسها الإعلام العربي وينقل بها ما يحدث في العراق وفلسطين، ما يولد نقيضاً بين الاعلاميين، لتستطيع هذه الدبلوماسية الإعلامية صناعة (إرهاب) عربي إسلامي جديد».
من هنا كانت مفاهيم الحرية الإعلامية مفاهيم مختلطة على الإعلاميين قبل الساسة أو الحقوقيين، ومن هنا أيضاً لنا أن ندرك أن صحافتنا المكتوبة والمرئية، مضحوك عليها إعلامياً، وأن جل هذه الوسائل الإعلامية محركة بشكل «ذكي» من قبل بن لادن والزرقاوي ومجموعة «الأنس» في تورا بورا وباكستان.
هذا ما حاولت أن أستقرئه من سلسلة «الأخبار الدولية» في صحافتنا المحلية خلال الأسبوع الماضي، إذ تعمدت عقد بعض المقارنات والتحليلات، ومما توصلت إليه، اننا في البحرين أمام «إعلام» يقوم بتسويق سياسي مثير للإرهاب والإرهابيين
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1349 - الثلثاء 16 مايو 2006م الموافق 17 ربيع الثاني 1427هـ