أقدمت مؤسسة «ستاندرد أند بورز» حديثاً على تحسين التصنيف الائتماني لمملكة البحرين. يذكر أن هذه المؤسسة تهتم بمنح الملاءات المالية للمؤسسات والأوراق المالية والدول. باختصار برر التقرير تحسن التصنيف الائتماني للبحرين على خلفية استمرار عملية الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد من قبيل تعزيز دور القطاع الخاص وبرنامج الخصخصة (مثل بيع محطة الحد)، إضافة إلى السياسة المالية المحافظة التي تنتهجها الحكومة بدليل تحقيق فائض في نتائج الموازنة العامة. وعلى هذا الأساس تم رفع التصنيف الائتماني السيادي طويل المدى للعملات الأجنبية من «أي ناقص» إلى «أي». وتلقي السطور الآتية المزيد من الأضواء على بعض مواطن القوة في اقتصادنا الوطني بحسب ما جاء في التقرير.
أشاد تقرير «ستاندرد أند بورز» باستمرار عملية الإصلاحات الهيكلية في الاقتصاد البحريني مثل تنفيذ برنامج الخصخصة، فقد أرست الحكومة مثلا في يناير/ كانون الثاني من العام الجاري عقد الإنتاج لدى محطة الحد لإنتاج الكهرباء والماء إلى عهدة القطاع الخاص. وتم إرساؤه تحديدا على مجموعة تضم ثلاث شركات أجنبية وهي (انترناشنال باور) من بريطانيا، و(سوميتومو) من اليابان، و(سويز تركتيبل) من بلجيكا. ويشمل العقد إدارة محطة الحد (المرحلتين الأولى والثانية) بطاقة قدرها 1000 ميغاوات و30 مليون غالون من المياه يوميا، فضلا عن إضافة 60 مليون غالون من المياه يوميا في إطار الخطة الثالثة للمشروع. وتبلغ كلفة البرنامج 471 مليون دينار، 278 مليوناً منها لاقتناء أصول المرحلتين الأولى والثانية لمحطة الحد.
إضافة إلى ذلك، قامت السلطات في الآونة الأخيرة بإرساء عقد تشغيل ميناء سلمان في المنامة وميناء خليفة بن سلمان (قيد التشييد في منطقة الحد) لشركة (مولر)، عضو مجموعة «مولر ميرسك الدنماركية». وينص العقد على حصول شركة مولر على حق امتياز لتشغيل الميناءين لمدة 25 عاما واحتكار لمدة 15 سنة. ومن المنتظر أن تقوم الشركة الأجنبية بإدارة ميناء سلمان في وقت لاحق من العام 2006 وذلك بعد الانتهاء من الإجراءات القانونية وخصوصا تأسيس هيئة شبه مستقلة لإدارة الموانئ.
كما استندت مؤسسة «ستاندرد أند بورز» في قرار تطوير التصنيف الائتماني إلى السياسة المالية المحافظة التي تنتهجها وزارة المالية. وتعمل الحكومة في الغالب على صرف مبلغ أقل من المعتمد في الموازنة العامة. فعلى سبيل المثال، قدرت الحكومة المصروفات في السنة المالية 2004 بـ 1246 مليون دينار، لكنها قامت بصرف 141 مليون دينار أقل من المبلغ المعتمد، الأمر الذي ساهم في تحويل العجز المتوقع إلى فائض. وكانت الحكومة قد افترضت عجزا قدره 440 مليون دينار، لكن في نهاية المطاف تم تحويل العجز إلى فائض بقيمة 60 مليون دينار بسبب ثنائي ارتفاع الدخل النفطي نظراً إلى ارتفاع أسعار النفط في الأسواق الدولية، زائدا تدني المصروفات الفعلية. أما في السنة المالية 2003 فقد قدرت الحكومة المصروفات بـ 1159 مليون دينار، لكنها صرفت 1080 مليون دينار، أي 79 مليون دينار أقل من المبلغ المعتمد. أيضا في السنة المالية 2002، قدرت الحكومة المصروفات بـ 1046 مليون دينار، لكنها صرفت 1031 مليون دينار، أي 15 مليون دينار أقل من المبلغ المخصص (حتى تاريخ نشر هذا المقال لم تنشر وزارة المالية نتائج الموازنة العامة للعام 2005 لأسباب خاصة بها).
فضلاً عن السببين المشار إليها أعلاه، أشاد تقرير «ستاندرد أند بورز» بنتائج بعض الإحصاءات الحيوية في اقتصادنا الوطني مثل المحافظة على هامش مريح فيما يخص موجودات الحكومة. فقد قدر التقرير صافي الموجودات (الأصول التي تمتلكها الحكومة ناقص التزاماتها المالية) بنحو 59 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي مع نهاية العام الجاري. وتوقع التقرير أن يبقى الهامش إيجابيا في حدود 50 في المئة مع حلول العام 2009. ويرتبط هذا بالسياسة المالية المحافظة التي تنتهجها الحكومة حتى مع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات تاريخية.
ختاماً، ألمحت مؤسسة «ستاندرد أند بورز» إلى توافر فرصة المزيد من التحسن في الملاءة المالية الممنوحة للبحرين في حال تسجيل تطورات ايجابية في المالية العامة. يبقى أنه حسب التقرير تعتبر الأوضاع المالية للحكومة ايجابية إلى أقصى حد ممكن. المطلوب من الحكومة توظيف الظروف المالية المتميزة لتوفير سبل العيش الكريم للمواطنين مثل المشروعات الإسكانية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1349 - الثلثاء 16 مايو 2006م الموافق 17 ربيع الثاني 1427هـ