العدد 1348 - الإثنين 15 مايو 2006م الموافق 16 ربيع الثاني 1427هـ

سيكولوجية المتعاملين

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

كان من المتوقع ان تستمر استفادة أسواق الأسهم الخليجية من التطورات الايجابية التي تشهدها أسواق النفط حاليا بعد أن بلغت أسعارها مستويات قياسية، إذ من المفترض ان تنضم هذه التطورات إلى العوامل الايجابية الاخرى مثل الاداء المالي للشركات المساهمة لتمثل قوة دفع موحدة تعمل على استمرار تحسين اداء هذه الاسواق. ومع ذلك، يخشى الكثير من المحللين ان يبقى هاجس الريبة والتخوف من التقلبات الحادة في هذه الاسواق مسيطرا بفعل العوامل غير المحسوسة والنفسية التي تحرك هذه الاسواق، وليس فقط كما يعتقد بسبب أن الاسعار كانت وصلت مستويات مرتفعة بدليل أن التقلبات مستمرة على رغم تدني الأسعار.

ان التحولات السريعة والحادة - والتي كثيرا ما تكون غير مبررة - التي شهدتها اسواق الأسهم الخليجية خلال العام الماضي ولاتزال تشهدها قد اضفت بعض الشرعية والتسلط على الدور الذي تلعبه العوامل غير الحسية والنفسية والتي لاحظنا ان الكثير من المستثمرين يتأثرون بها بدافع غريزي ومن دون التدقيق في نتائجها.

وطبعت هذه العوامل بطابعها على سلوكيات المستثمرين، فنرى بعضهم قد بات واضحى اسيرا للشك والتخوف من التحركات السعرية للأسهم التي يهواها لم تستطع أكثر الروايات الغرامية على فك طلاسمهما. بينما وجدنا مستثمرين اخرين قد هاموا غراما في اسهم بعينها ودون سواها. فنجدهم يعمدون إلى التعامل في هذه الأسهم مهما اختلفت الظروف في السوق. وحتى اذا اضطروا ان يتعاملوا بصورة مؤقتة في اسهم اخرى فان افئدتهم وعواطفهم تظل معلقة بالأسهم التي حققوا معها بعض المكاسب في الماضي. ان خطورة هذا الولاء تكمن في كونها تكرس قناعة نفسية لدى المستثمرين بأن هذه الأسهم لابد ان تحقق لهم المكاسب التي يريدونها في النهاية حتى وإن كانت تكبدهم الخسائر على المدى المنظور. وهم بذلك يتجنبون الاخذ في الاعتبار الحقائق الجديدة التي تبرز وتؤثر على قيمة هذه الأسهم، ويتناسون ان الأسهم التي يحبونها قد لا تبادلهم الشعور نظرا لفقدانها الاحساس والعواطف حيث تتصرف بعيدا عن تطلعات وعواطف من يحبنوها. وهكذا نلاحظ ان التصرف السلوكي للمستثمر على هذا الصعيد هو الذي يحرك العوامل الفنية في السوق بدلا من ان يكون العكس.

ومن التصرفات السلوكية التي برزت خلال العام الماضي في عدد من اسواق الأسهم الخليجية وأضرت بكثير من المستثمرين وخصوصا الصغار منهم هي غريزة الركض وراء الجموع. وهكذا نجد المستثمر يتلقف اول اشارة لوجود اقبال على سهم معين ليبادر إلى الانضمام إلى الركب من دون ان يتوقف لحظات كافية ليسأل نفسه لماذا هذا الاقبال ولماذا الانضمام إلى الركب، بل انه يحاول الحصول على هذا السهم بأي ثمن ما يسهم في رفع سعره إلى مستوى أعلى ما هو مقبول. ان خطورة هذه الاستراتيجية تتضاعف في اسواق أسهم مثل أسواق الأسهم الخليجية إذ يشهد الكثير منها وجود نفر قليل من المتعاملين الرئيسيين الذين يعمدون إلى خلق تداول مفتعل في بعض الاسهم بهدف رفع او تخفيض اسعارها ومن ثم المبادرة إلى بيعها أو شرائها لتحقيق مكاسب وفيرة في حين يتضرر المستثمر العادي الذي دخل إلى وسط الحلبة دونما دراسة كافية بما يجري فيها.

ان المستثمر المتزن والذي يهتم بتنمية مدخراته يمكنه تحصين نفسه ضد هذه المخاطر والانفعالات النفسية، فعليه اولا وقبل المباشرة في العملية الاستثمارية ان يتأكد انه متفهم لظروفه المالية الخاصة، عارف لمتطلباته الآنية واللاحقة وبالتالي هيأ نفسه لقبول النتائج والتعايش معها مهما بلغت. بعد هذه المرحلة من الاعداد النفسي تأتي مرحلة البرمجة والتخطيط ويعتبر التنويع في الاستثمار من اهم اسس هذه المرحلة فتنويع الاستثمارات على قطاعات متعددة بقدر الامكان يقلل من فرص الصدمات النفسية المفاجئة.ويوفر مرونة للتحول بين المراكز الاستثمارية والمضاربية تبعا لتحولات السوق بين المد والجزر

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1348 - الإثنين 15 مايو 2006م الموافق 16 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً