الكتلة الحاكمة في وزارة التنمية الاجتماعية تظنّ أن التاريخ ابتدأ بالتغيير الوزاري الذي شطر وزارة العمل والشئون الاجتماعية إلى شطرين. من قبل هذا التغيير لم يكن هناك نظامٌ ولا قانونٌ ولا هم يحزنون. البلد كانت غابة، وجاءت العناية الإلهية لإنقاذ الوطن بتقسيم الوزارة ليولي القسمان إدارة جميع مرافق الدولة، وفق النظام والقانون!
نتكلم معهم عن المشكلة التي سيسببونها لعشرات الآلاف من المواطنين الفقراء بسبب تعميم غير مدروس، فيردون علينا: انه تزييفٌ للحقائق!
نناقشهم: يا جماعة، ستربكون عمل 88 صندوقاً خيرياً، فيقولون: لقد أبدى الجميع قبولهم بهذا التعميم! نقول لهم: التهديد بعدم الاعتراف بشرعية مجالس الإدارات المنتخبة قرارٌ خاطئٌ، فيردون: ان ذلك يأتي من حرصنا الشديد على تطبيق القانون!
نقول لهم: يا جماعة، إذا كانت ثمة ثغرة قانونية فعالجوها، هذه مسئوليتكم، والصناديق ترغب في الحوار من دون ضغطٍ أو إرهاب، فيلوّحون: لن نصدّق على التوقيعات! أرأيتم حوار الطرشان؟
الوزارة تدّعي انها التقت ممثلي عددٍ من الصناديق، وأبدى الجميع تعاونه وقبوله بالموضوع، ونحن نطالب الوزارة بذكر أسماء عشرةِ صناديق فقط ممن قابلتهم، فما لدينا من معلومات تفيد خلاف ذلك. فالموضوع نتابعه منذ وصول التعميم للصناديق الخيرية عبر الفاكس قبل أكثر من شهر ونصف الشهر، وحرصنا على عدم إثارته تغليباً للغة الحوار، ومراعاةً لمصلحة فقراء البلد لأنهم هم المتضرّر الأول من هذه القرارات. وما نعرفه ان بعض صناديق المنطقة الوسطى بذلت مساعي حميدة للالتقاء في منتصف الطريق، لكنها حين قصدت الوزارة للاستفسار لم يقابلها أحد. (إذا كان لدى الوزارة ما يثبت حصول هذه اللقاءات فلتوضحه للجمهور). بعد ذلك أخذت بعض المديرات في الوزارة بإطلاق التهديدات «الصحافية» بين فترة وأخرى، بما يهدّد بعرقلة العمل الخيري (طبعاً الكتلة الحاكمة بالوزارة لن تكترث بذلك).
ونحن كمراقبين، نتوقف أمام هذه العبارة: «إذ أبدى الجميع تعاونه وقبوله للنظام»، من هو هذا «الجميع»؟ فإلى جانب صناديق المنطقة الوسطى التي لم يقابلها أحدٌ في الوزارة حسب معلوماتنا، هناك عددٌ من صناديق العاصمة أبدت رفضها وامتعاضها من لغة التهديدات. وهناك مكالماتٌ تلقيتها من أعضاء مجالس إدارات بعض صناديق منطقة المحرق قبل ليلتين، أبدوا فيها استهجانهم من الردّ الرسمي المنشور أمس الأول، وخصوصاً الفقرة الأخيرة، وقال أحدهم «إنما تقوم به الوزارة هو تزييف الحقائق».
لست هنا في وارد الاستقواء بالصناديق الخيرية، لكني أشير إلى وجود مشكلةٍ خلقها تعميمٌ غيرُ مدروس، لإحدى المديرات بالوزارة، ومن هنا طالبت - وما أزال أطالب - بتدخل الوزيرة فاطمة البلوشي شخصياً لتدارك الموقف ومنع تداعياته، فليس من الصحيح ترك مثل هذه الأمور لموظفات إداريات لا يُحْسِنَّ تقدير العواقب، وخصوصاً إذا كانت تمسّ معاش عشرات الآلاف من المواطنين الفقراء.
لا أحد يعارض القانون، والصناديق الخيرية من أشدّ المؤسسات التزاماً بالأنظمة والقوانين، لكن إذا ابتليت بفرض قرارات سخيفة من قبيل منع توزيع الحصالات في البرادات إلاّ بإذن مكتوب من الوزارة، فستضطر هذه المؤسسات، ولدواعٍ عمليةٍ بحتةٍ كما تعلمون، إلى تجاهل هذه الأنظمة والتعميمات.
مرةً أخرى، لتبحث الوزارة عن الثغرات القانونية، ولتقدم حلاً عملياً مدروساً بدل التخبّط في اختلاق المشكلات.
كلمة أخيرة للصناديق... يا أصحاب الشأن، أيها العاملون في خدمة الفقراء، ألم يحن الوقت ليسمع العالم أصواتكم؟
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1348 - الإثنين 15 مايو 2006م الموافق 16 ربيع الثاني 1427هـ