العدد 1347 - الأحد 14 مايو 2006م الموافق 15 ربيع الثاني 1427هـ

معهد «التنمية» ولُعَبٌ لنصف نهار

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

NDI كان جزءا من القصة، ولكن الحبكة برمّتها تتبادلها أقلام محلية، بعضها يسوّق للمشروع الأميركي ويباركه، ويصر على الانحياز له، والبعض الآخر يرى في المشروع انتشالا للمنطقة من ديكتاتوريات مزمنة نسيت أن تموت! والبعض الثالث يرى في المشروع خطراً على الأنظمة، من دون أن يعير اهتماما للخطر الذي يمثله على عقيدة المنطقة، ولا يرى في التدخلات الأخيرة في مناهج التعليم - على رغم انها مناهج ضالعة في جزء منها في التخلف والتحريض - في شكلها السافر والمزاجي أي تدخل يذكر، بل فيه مراعاة للمصلحة العامة، ودرء للمفاسد ضمن الطبعة الدولية للفقه الأميركي!

NDI حلقة ضعيفة في محيط مشبع ومطلق السلطات من قبل مجموعات لها تاريخ طويل من القمع، أو التواطؤ، أو حتى التنظير للاثنين معاً. ومثل تلك الخبرات والعراقة في الممارسة بحاجة الى ندّ يواجهها، ويكون - على أقل تقدير - بإمكانات متوازية معها، ومثل ذلك التوازي لا يراد له أن يكون حاضرا، ولو على مستوى الاشاعة.

الغريب في الأمر، أن تاريخ الوصاية لا يبدأ بتحويل المواطن الى واحد من الأصول الثابتة، والممتلكات العامة للدولة، بل يتجاوز ذلك الأمر الى ما هو أكبر وأخطر منه، بتحديد نوعية الهواء الذي يتنفسه، وهو هواء لا علاقة له بالمكان ومصدره الالهي، بقدر ما هو على علاقة وارتباط بهواء الوعي الذي يمكن تسريبه أو تمريره الى «قطيع» ظل على امتداد عقود يتلقى بيانات تزدحم بالأرقام عن القطاعات والسلع التي يتم دعمها من الدولة، ليكتشف أن الهواء واحد من تلك السلع، مثله مثل اللحم «البلاستيكي»، والمواد الغذائية التي يمكن تصنيف 75 في المئة منها بأنها مصنّعة لمواجهة نزوح آلاف اللاجئين في زمن الحروب، واجتياح المجاعات، فيما هي مقررة لشعوب من المفترض أن تكون مستقرة، مع تصريحات تبدأ بالوزارة المعنية، ولا تنسى أن تذكّر بها وزارة التنمية الاجتماعية!

على رغم ارتباط NDI بواحد من الحزبين المتعاقبين على إدارة شئون العالم في الولايات المتحدة الأميركية، فإننا ازاء صورة نقيضة لدولة تعلم مسبقا أن لا اجراء او قرار سيتخذ ضدها، خصوصا وأن الحزب التابع اليه المركز خارج دائرة القرار والسلطة المباشرة، بينما لو كان الأمر على خلاف ذلك، لتقرر أن يأخذ المعهد المذكور دوره في التدخل حتى في موضوعات تحديد النسل، وتصميم التقاطعات والجسور، من دون أن يجرؤ معهد التنمية السياسية (البدعة) في زمن التناقضات أن «يشرشح» مديره، ويمعن في اهانته أمام طوابير الادارة العامة للجنسية والجوازات والاقامة، جنبا الى جنب مع المخالفين لقوانين الاقامة في المملكة.

لكأنه كي يتم تكريس وتأكيد الدور المهم والخطير لمعهد التنمية السياسية، لا بد من السهر على اخراج مهزلة اغلاق NDIوطرد مديره بتلك الصورة الفجّة، التي تذكّرنا - كما أشرنا في بداية المقال - بأقلام تحاول أن تسوّق الى مشروعاتها. ومعهد التنمية السياسية في العمق من ذلك التسويق، وهو تسويق - بالمناسبة - رخيص للغاية، يذكّر ببعض لُعَبِ الأطفال التي يمكن تحديد عمرها الافتراضي بنصف نهار

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1347 - الأحد 14 مايو 2006م الموافق 15 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً