قال الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إن بلاده باتت «قوة عظمى»، وإنها ستتحاور مع العالم من هذا المنطلق، واتهم واشنطن بشن حملة لاذعة على بلاده واستخدامها كلاما قويا لترهيب شعبه، إلا أنه شدد على أن الإيرانيين لا يخشون أميركا كون بلادهم «قوة عظمى».
بعد الحرب العالمية الثانية ظلت الولايات المتحدة توهم الجميع بأنها هي «الدولة العظمى» في العالم، وذلك لتبقي الدول كافة تحت سيطرتها، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنها وعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، بدأت تجد منافسة كبيرة من قبل إيران. فقد تصدت أميركا للمحاولات الإيرانية للصعود إلى موقع الدولة العظمى، إذ كانت في كل مرة تحاول إجهاض محاولاتها بأدوات ومواد وآليات من المنطقة نفسها من داخل ومن خارج إيران، إلا أنها وفي الأخير تبقى هي «الخاسر الأكبر»، إذ بدأت تفقد وزناً كبيرا من ثقلها الإقليمي.
كانت المرة الأولى بقيادة الشاه الراحل رضا بهلوي الذي وظف أموال النفط الإيراني، في مطلع السبعينات من القرن الماضي، في بناء ترسانة عسكرية ضخمة لا مثيل لها لدى دول الجوار، واستلهم من تاريخ الإمبراطورية الفارسية دوافع النهوض لفرض دولته كقوة إقليمية في المنطقة وشرطي يفرض الأتاوات في منطقة الخليج. فعمدت أميركا إلى وأد هذا الطموح بسحب البساط من تحت قدميه، ما أفسح المجال للمعارضة بقيادة الإمام الخميني، للإطاحة بنظام حكمه العام 1979. وهنا وصل إلى الحكم قيادة جديدة تأبى الخضوع لأميركا.
مرة أخرى أرادت أميركا أن تطيح بالنظام الإسلامي الذي لا يتفق معها في شيء، إذ ساندت بغداد في الحرب العراقية الإيرانية. فكانت ثروات العراق ودماء أبنائه هي التي وظفت لخدمة الغرض الأميركي، في حرب ضروس دامت ثماني سنوات، أفقدت العراق فرص التقدم والازدهار، فقد أغرقته تلك الحرب بديون ثقيلة. كما أطلقت هذه الحرب للرئيس العراقي المخلوع صدام حسين ليبسط سيطرته ويتمرد على أميركا التي ربتت عليه طوال سنوات حكمه الدامغ للعراق. وهذا ما جر بغداد لحرب جديدة مدمرة فقدت فيها واشنطن وزناً أكثر.
والآن نحن نشهد الصعود الثالث لإيران، في زمن جديد، ليس فيه معارضة داخلية أو خارجية يمكن توظيفها للتصدي للنظام القائم الذي يجدد الخطاب الخميني على لسان رئيسه أحمدي نجاد، وليس هنالك جار قوي يمتلك جيشا جرارا وسلاحاً قويا يستطيع مواجهته
إقرأ أيضا لـ "ايمان عباس"العدد 1346 - السبت 13 مايو 2006م الموافق 14 ربيع الثاني 1427هـ