مسكينة السلطة الحماسية المحاصرة أميركياً وأوروبياً والعالقة بين حمية العرب والعجم. ترى هل الحمية العربية الشعبية قادرة على فك الحصار المحدق بالفلسطينيين؟ وهل يجدي الزعتر والزيتون الذي طرحه رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية الجديد لمواجهة ذلك الحصار الظالم ومن ثم الحفاظ على الكرامة الوطنية الفلسطينية بل والعربية، إنها فلسطين قضية العرب المركزية واليوم دخل بعد جديد في الصراع العربي الإسرائيلي فإلى جانب بغي وعدوان «إسرائيل» المستمر على الشعب الفلسطيني والبلدان العربية المجاورة منذ قيام «إسرائيل» في العام 1948 واحتلال أراضيهم وضم هضبة الجولان إليها وهذا البعد الجديد والقديم هو ظلم الغرب وانحيازه التام إلى العدوان الإسرائيلي والإبادة المستمرة. تذكرت في هذا الوضع الشائك شخصية ياسر عرفات الذي عرفته لأول مرة في سنة 1977 في مكتب قيادته في منطقة الفاكهاني في غرب بيروت، كان للفلسطينيين وجود سياسي وأمني قوي حيث كان عملي الدبلوماسي. إنه شخصية كارزمية تملك من مقومات الصمود والتحدي ما لا تملكه شخصية أخرى في الساحة الفلسطينية ولعلها تحمي ما بقي من فلسطين من الانجراف إلى حرب أهلية أو فوضى أمنية وسياسية نتيجة التصدي للوضع الاقتصادي المتدهور. التقيت ياسر عرفات في بكين مرات عدة فهو يتردد كثيراً على الصين، إنه عاشق لثورتها وقائدها ماوتسي تونغ، التقيته في بكين في أكتوبر / تشرين الأول العام 1989. بعد تسلمي عملي الدبلوماسي بقليل وصل إلى بكين على طائرة صغيرة تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة أقلته من طوكيو حيث كان يقوم بزيارة عمل رسمية. في هذه الزيارة استقبله رؤساء البعثات العربية المعتمدون لدى الصين واستقبلته امرأتان من وزارة الخارجية الصينية وطبعاً طبع على خديهما قبلتين حارتين مخترقاً التقاليد الصينية المكينة التي لا تسمح بهذا الظهور المباشر وفعل الشيء نفسه مع الطفلتين الصينيتين اللتين قدمتا اليه باقتين من الورد، وذلك عند نزوله من الطائرة الخاصة المقلة له في مطار بكين كما أنه قبل واحتضن بحرارة وحمية كل الدبلوماسيين كعادته دائماً وأبداً مع مستقبليه وزواره وضيوفه. إنه السياسي الفلسطيني الساحر والشاطر الذي يجيد اللعبة السياسية ومتى يبدأها وكيف ينهيها وقد عرك الحياة وعركته ولعب في كل الساحات العربية والدولية لثلاثة عقود متواصلة. وأتذكر أنه وصل آنذاك بكين رئيساً لدولة فلسطين وكان برفقته وفد صغير وبعض أفراده يضع في يده سبحة جميلة وهذه عادة لدى جميع العرب يحرصون عليها دائماً وأبداً. وقد تساءل الجميع بمن فيهم جنابنا: هل هي من الأحجار الكريمة الأصلية أم أنها بضاعة مقلدة وما ينبئك بهذا مثل خبير يميز بين الأصناف المختلفة من السبح؟ أحد الأصدقاء الصينيين، قال إن هذه السبحة صالحة لتكون قلادة مناسبة ولائقة تزين بها امرأة جميلة جيدها. وإذا تركنا كل هذا وذاك جانباً وجدنا أن زيارة الرئيس عرفات حظيت باهتمام الجهات الرسمية الصينية العليا فأحد المسئولين الصينيين في وزارة الخارجية الصينية أشاد بكفاح الشعب الفلسطيني عبر نضاله الطويل من أجل إقامة دولته على ترابه الوطني وهو اليوم يزور الصين رئيساً لدولة فلسطين وإن كانت خارج الوطن الفلسطيني. وقد استقبل رئيس الجمهورية الصينية يانغ شانغ كون آنذاك الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في قاعة الشعب الكبرى المهيبة مرحباً به ترحيباً حاراً باسم الشعب الصيني قائلاً إن الصين تقدر وتثمن جهود الفلسطينيين الدؤوبة والمتواصلة خلال العقدين الماضيين من أجل الوصول إلى حل سلمي عادل وشامل للقضية الفلسطينية. وفي هذه الزيارة واحتفاء الصين بالسيد عرفات فقد استقبله رئيس اللجنة العسكرية المركزية الزعيم الروحي الصيني الراحل دينغ شياو بينغ وهنأه لانتخابه رئيساً لفلسطين وقال إنه على رغم أن الشعب الفلسطيني في كفاحه لم يحقق النصر النهائي فإنه أنجز انتصارات عدة منها أن لمنظمة التحرير الفلسطينية سياسة مرنة وموضوعية وعقلانية حافظت على الوحدة الفلسطينية الداخلية وحققت الانسجام بين فصائلها المختلفة وأدى هذا إلى كسب التأييد للقضية الفلسطينية على مستوى المجتمع الدولي. ولم يفته أن ينصح القيادة الفلسطينية بأن تكون لها استراتيجية واضحة ومحددة بحيث تقود نهائياً إلى إقامة الدولة الفلسطينية المرتقبة التي طال انتظارها
إقرأ أيضا لـ "حسين راشد الصباغ"العدد 1346 - السبت 13 مايو 2006م الموافق 14 ربيع الثاني 1427هـ