العدد 1346 - السبت 13 مايو 2006م الموافق 14 ربيع الثاني 1427هـ

أساليب الماضي البائس

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قبل عدة أشهر ذكرت «الوسط» أن النية مبيتة للقضاء على المعهد الوطني الديمقراطي (NDI) لأنه يشكل عقبة أمام احتكار الرأي واحتكار المعلومات، ولأنه سينقل خبرات نوعية للجمعيات السياسية، وهذه كلها من المحرمات بحسب قاموس البعض الذي مازال ربما يحلم بعودة الدكتاتورية بشكل من الأشكال. والمصادر ذاتها قالت إن جمعية الشفافية تمثل مصدراً مزعجاً لمن يود احتكار الحياة العامة، لأنه أعطى معلومات في العام 2002 عن الكتل الانتخابية في كل محافظة، وهو أمر يحرمه البعض، وربما يسعى إلى تجريمه مستقبلاً.

جمعية الشفافية استفاقت من ضربة وجهت إليها على حين غرة... وهي الآن «تحبو» مرة أخرى، ولعل ما ينتظرها سيكون مشابهاً لما حصل لفوزي جوليد ولكن بشكل آخر إذا حاولت أن تفيد الناس في تحسين البيئة الديمقراطية. وهذا الحديث أصبح متداولاً، لأن ما يحدث أمامنا يذكرنا بما كان يحدث قبل 2001. في تلك الأيام السوداء كانت الإجراءات والقرارات والقوانين تصدر بالعشرات ضد المواطنين لتمنعهم من كل شيء، حتى اختنقت الأوضاع وانفلتت ولم تهدأ إلا بعد المبادرة التاريخية التي قادها جلالة الملك وأبعد البحرين عن المزيد من الاحتقانات والاختناقات.

على أن الأيام البالية كانت توفر للبعض منافع أنانية شتى، واستغنى كثيرون من دون أن يقدموا خيراً لوطنهم، بينما صعدت أسماء لأنها ضيّقت الحياة على باقي الناس. وهذا البعض وجد أن الحريات العامة التي بدأت تتوسع مع مشروع ميثاق العمل الوطني تضره، وعليه فلابد من المرونة لركوب الموجة عبر ترديد الشعارات الديمقراطية التي كان يحاربها في الماضي، ولكن بهدف إفراغ هذه الشعارات من محتواها ومن ثم العودة إلى أساليب الماضي.

أساليب الماضي كانت إبداعية في كل شيء سوى في الخير... فالمواطن قد يعتقل، ومن ثم يخبر أهله بأنه لا تهمة عليه وسيفرج بعد يوم أو يومين، ولكن أهله يكتشفون بعد خمس سنوات أن ابنهم سيحكم بسبع سنوات... المواطن قد يصل إلى مطار البحرين الدولي، وإذا به يؤخذ إلى غرفة للتحقيق والتهديد، ومن ثم ينفى إلى الإمارات أو سورية، وإذا سأل أحد عنه فإن الجواب أن ذلك المواطن سافر بمحض إرادته إلى الوجهة التي يودها. المواطن قد يجد نفسه في ورطة ليست من صنعه أساساً، ويأتيه «المسئول المبدع جداً» ليعرض عليه تخليصه من المشكلة مقابل الحصول على شيء من المال أو جزء من اتفاق أو أية مصلحة شخصية أخرى.

أساليب الماضي مؤلمة جداً، وهي كانت السبب وراء تخلفنا عن الركب، وحمدنا الله بعد أن أعلن جلالة الملك نهاية لتلك «الإبداعات البائسة»، ووقفت الغالبية العظمى من شعب البحرين - بمن في ذلك الفئات التي قُمعت وظُلمت - مع جلالة الملك، إيماناً منهم بأن المستقبل يتطلب رؤية جديدة ونفسية جديدة ودماء جديدة وعزيمة جديدة تصالحهم مع الماضي وتأخذ بأيديهم نحو مستقبل مشرق.

هذه كانت ومازالت آمال الغالبية العظمى من شعب البحرين، هذه الغالبية التي تضررت من تزييف الحقائق ومن الانتهاكات ومن العشوائية والمزاجية والمصلحية الأنانية... وأملنا ألا نرى عودة لأساليب الماضي البائس

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1346 - السبت 13 مايو 2006م الموافق 14 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً