من أصعب العوائق التي خلفتها حوادث العقدين الأخيرين في البحرين ظهور نموذجين سيئين للعلاقة بين الحالة الرسمية التي تمثلها الدولة ومؤسساتها والحالة الشعبية سواء الجماهيرية العامة أو المؤسسات المجتمعية الممثلة لها.

حوادث الثمانينات والتسعينات أرست علاقة غير سوية بين الدولة وقسم كبير من المجتمع، ولم تنتقل العلاقة بين الحالة ين بسلاسة أو تراتبية اعتيادية، فتلك العلاقة وصلت إلى ذروتها في القطيعة عند البعض، فصارت السلطة بما تمثله من حال رسمية يحرم عليها التواصل والتنسيق، فضلاً عن التكامل مع الحالة الشعبية، وكان النمط الآخر للعلاقة الذوبان الشعبي في فلك السلطة إلى درجة أفقدتها صدقيتها أمام تاريخها وأمام الشارع.

المجلس الإسلامي العلمائي الذي يمثل المظلة الكبرى لجيل انتفاضة التسعينات يشكل أنموذجا واضحا في تعامله المضطرب مع الدولة، وكذلك تعامل الدولة مع هذا المجلس. فالدولة من جانبها، تشكك في شرعية المجلس، وكأن مناط الشرعية هو موافقة الدولة على قيامه، والمجلس ليس في وفاق عملي مع مفرزات الدولة في أكثر من مؤسسة وقضية، بدءاً من التعامل مع المجلس الأعلى للشئون الإسلامية والأوقاف والقضاء وباقي مكونات الحالة الرسمية.

وعلى صعيد المجتمع المدني فعلاقة الدولة بهذه المؤسسات ليست مثالاً يحتذى في العلائق الصحيحة بين الدولة ومجتمعها، فغالبية المؤسسات النشطة تواجه صعوبات بالغة في التعامل مع الدولة، وأكبر شاهد أمام أعيننا تعامل وزارة التنمية الاجتماعية مع الاتحاد النسائي، فهذه الوزارة ترفض الاعتراف بهذا الكيان المهم على رغم استصدار القائمين عليه رخصة إشهار من القضاء.

جمعية الشفافية أيضاً واجهت وتواجه محطات متعثرة في علاقتها مع وزارة التنمية، فالآن تخرج وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي على الملأ لتعلن نهاراً جهاراً أن «الشفافية» ليس لها الحق في مراقبة الانتخابات، وأعتقد أن سبب هذا التصريح عدم ادارك الوزيرة فلسفة العمل الاجتماعي، فالرقابة - كما هو متعارف دوليا - حق أصيل للمنظمات غير الحكومية التي تعنى بالشفافية.

والخلاصة هي أن على الدولة وكذلك مؤسسات المجتمع أن تكف عن سياسة التشكيك والاتهام المبطن لبناء علاقة شراكة حقيقية لتكون البحرين أولاً ودائماً