ثمة أمر عصي على الفهم وتناقض صارخ بين: ترحيب بـ «أبي زيد» وطرد همجي لـ «جوليد».
الأول هو القائد العام للقوات المركزية وصاحب الكعب العالي في عملية تكسير العظام والطحن الآدمي لأبناء الرافدين. والثاني استفدنا منه كثيراً في «دمقرطة» المجتمع، وتفكيك العقد المتأصلة في خطابنا السياسي بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية والوصول إلى نقاط جامعة، سلمياً.
اعتقد أن عمل المعهد الوطني الديمقراطي (NDI)، أخف الضررين في قبال وجود قاعدة عسكرية أميركية بالجفير، تقدم الدعم اللوجستي الكامل لجيش الاحتلال الأميركي في العراق. في حين أن «المعهد» مؤسسة غير ربحية، وتعمل على نشر الديمقراطية، وإن شاب عملها شائب فهو لا يرقى أبداً إلى تصرفات «المارينز» وقوات البطش الإمبريالي في المنطقة.
مانشيتات وأعمدة الصحف، لن تكون ذات جدوى إذا لم تحترم عقل القارئ وتبين موقع الخطأ والخطر. أما مانشيتات التخدير والإلهاء و«الريموت كونترول» كلها لا تسقط عمود خيمة، وليست هي من ستحرر أرضاً مغتصبة اسمها فلسطين، واليوم العراق.
وعلى ذلك فإن حظر عمل «المعهد» وطرد ممثله، وبهدلته وعياله، عمل لا ينم عن شيم ومروءة البحرينيين. فالأخ «فوزي جوليد»، بغض النظر عن اتفاقي أو اختلافي معه في الكثير من القضايا والقصص، هو بالدرجة الأساس إنسان عربي ومسلم ولديه أخلاقيات عالية ينبغي علينا مراعاة مشاعره وأسرته، التي تشرفت بالتعرف عليها، ومراعاة ظروفهم... أضف إلى هذا الجانب الإنساني جانباً آخر وهو الإساءة الكبيرة التي ستلحق بسمعة البحرين في الخارج. وطرد «جوليد» يعطي مؤشراً على أن الحريات في تراجع، والعمل السياسي في تراجع، وسيتم تضييق الخناق على جميع مؤسسات المجتمع المدني في الأيام القليلة المقبلة؛ إذ نحن مقبلون على موسم انتخابي ساخن.
وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فإنه يبدو ان السلطات في البحرين اتخذت عدة تدابير من أجل انتخابات سوداء، بمعنى أن لا أحد يراقبها لا «المعهد» ولا «الشفافية» ولا أية مؤسسة أخرى!! ولا يمكن نسيان أمر في غاية الأهمية وهو «موضة التصويت الإلكتروني» النزيه جداً جداً!!
من المؤكد أن للديمقراطية استحقاقات، وهذا ما كان على السلطات ان تعيه جيداً، أولها الحريات، بما تشمله من حريات تعبير وتشكيل أحزاب وتنظيم نقابي... كما ان استحقاقات الديمقراطية، التداول السلمي للسلطة، والمحاسبة والشفافية وغيرها من استحقاقات لم يأت بعد، في البحرين، موسم حصادها. ويبدو ان قطف الثمار بعيد المنال عن شعب البحرين! وإن على هذا الشعب أن يناضل مئة عام أخرى!
عطني إذنك...
عرض جاسم العجمي عليَ وعلى الأخ الزميل إبراهيم بوصندل في العام 2002 الانضمام إلى الجمعية البحرينية للشفافية... وعن نفسي تلكأت لاسباب خاصة بي، ذاتية وموضوعية خاصة بالتوقيت لا غير
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1345 - الجمعة 12 مايو 2006م الموافق 13 ربيع الثاني 1427هـ