إذا كان سبب عدم قبول رجال الدين من المذهب الشيعي بقانون الأحكام الأسرية هو مرور هذا القانون عبر المجلس النيابي لتتم الموافقة عليه... وفي ذلك احتمال خروجه في نظرهم من الناحية الشرعية بما يوجد في الشريعة الإسلامية... بكل ما يتعلق بالزواج والطلاق وتعدد الزوجات... فإن حل ذلك ببساطة هو العودة إلى المجلس الأعلى للقضاء بوزارة الشئون الإسلامية في إقرار هذا القانون بأن يكون موحداً إلا بالنسبة إلى المواد التي يختلف فيها المذهبان مثل زواج المتعة مثلاً... الذي يمنعه المذهب السني استنادا إلى اجتهاد الخليفة عمر بن الخطاب ثاني الخلفاء الراشدين... إذ قام بتحريمه لعدم وجود الأسباب التي تطلبت وجوده وهي الحروب الإسلامية لنشر الدعوة الإسلامية، بعد أن انتشر الإسلام في أرجاء العالم، بينما لم يعترف أصحاب الطائفة الشيعية بهذا الاجتهاد وواصلوا في تطبيقه إلى اليوم، على رغم سوء استغلاله من قبل الكثير من الأزواج وضياع حقوق الأبناء بسبب إهمال معظم الآباء لابناء هذه الزيجات.
إن قانون الأحكام الأسرية أصبح مطلباً ضرورياً جداً، ولا يحتمل التأخير، لانقاذ آلاف الزوجات وأبنائهن من جحيم الأحكام الحالية الصادرة من معظم القضاة الشرعيين إما بسبب الجهل وعدم الاستناد إلى تطبيق روح الشريعة الإسلامية التي وضعت المودة والرحمة كأساس للحياة الزوجية ولا يمكن استمرارها وسط أنانية الأزواج وأحياناً الزوجات وضياع الابناء في ظل المشاجرات وسعي الأم للنفقة أشهراً وسنوات، والآباء يتهربون، وكأن هؤلاء الابناء ليسوا ابناءهم ولا يوجد حتى اليوم صندوق للنفقة على هؤلاء الزوجات من مال تخصصه الدولة، أو قانون قضائي يعاقب الأب لهذا التهرب اللامسئول، والزوجات وخصوصاً الامهات يتحملن العذاب والذل من أجل ابنائهن وسط غياب قانون للأحكام الأسرية.
إن ثورة رجال الدين المعارضين تدهشني، أين كانوا منذ عشرات السنين ومعظم القضاة يخرجون في أحكامهم عن الشريعة الإسلامية وسط جهل وظلم بعض القضاة الشرعيين للزوجات لصالح الأزواج...؟ هل ما كان يفعله هؤلاء القضاة وغيرهم منذ أكثر من نصف قرن غير مخالف لتعاليم الشريعة الإسلامية؟ ولماذا قبلوا بذلك طوال هذه المدة وهو يتكرر آلاف المرات وغضبوا الآن وثاروا عندما فكرت الدولة باسناد هذه المهمة إلى رجال الدين الإسلامي من المذهبين السني والشيعي، وعملوا واجتهدوا في وضع لائحة لقانون الأحكام الأسرية لتسير وفقه الأحكام القضائية الشرعية وينتهي ظلم الزوجات والابناء بما يتوافق مع هذه الشريعة الإسلامية.
ما بقي لإصدار هذا القانون خلاف سطحي يؤخر إصدار قانون مهم يحتاجه المجتمع احتياجاً ملحاً، وحله لابد أن يتبلور بصورة سريعة تتناسب مع خطورة عدم وجوده، وإذا كان رجال الدين لا يريدون أن يمر بالمجلس النيابي وأن يكون مصدره اجتهاد رجال متخصصين في الفقه الشرعي السني والشعي، فليكن هذا الأمر من خلال المجلس الأعلى للقضاء في وزارة الشئون الإسلامية، كما ذكرت سابقاً لكننا يجب ألا يتطلب رجال الدين الشيعة في البحرين الاستعانة بالحوزات الدينية في إيران، لأن البحرين لا تخلوا من علماء في الفقه الشيعي ونلتزم بما يجتهدوا به لأن هذا القانون بحريني ولا دخل لرجال الدين الشيعة في إيران به، ومن يتطلب ذلك، يتعذر بأعذار واهية الهدف منها تعطيل قانون الأحكام الأسرية والأسر البحرينية ومآسي النساء والابناء في أمس الحاجة إليه، ولا أعتقد أن إيران عندما تضع قانوناً للأحكام الأسرية سيفرض رجال الدين الشيعة بها العودة إلى رجال الدين الشيعة في البحرين إذا كانوا أكثر علماً منهم، وكفى تعطيلاً لقانون الأحكام الأسرية الذي طال انتظارنا له
إقرأ أيضا لـ "سلوى المؤيد"العدد 1345 - الجمعة 12 مايو 2006م الموافق 13 ربيع الثاني 1427هـ