لو نظرنا الى ما يجري في البحرين بشأن الاصلاحات السياسية سنجد عالمين مختلفين يوجدان جنباً إلى جنب في أوساطنا البحرينية. فهناك اتجاه دكتاتوري يسعى جاهداً إلى إعادة أجواء «أمن الدولة» والتمييز العنصري والظلم الاجتماعي والحرمان المناطقي والقمع والاضطهاد والسرقات والمحسوبيات و«المنسوبيات» وانعدام حكم القانون وسيادة حكم المزاج الشخصي ومراوغات وتخندق ضد الحريات، وطغيان لا يخفيه الديكور أوالمكياج.
في المقابل يوجد عالم آخر، يستشرف المستقبل بأمل وحلم كبيرين، وينظر إلى هامش الحرية الصحافية وحرية التجمع الصحي والتنظيمات الأهلية وحرية التنقل والتفكير، بما في ذلك الانتقاد الصريح لتصرفات الجهات الرسمية، بروح تتطلع إلى الكرامة الانسانية والتنمية المستدامة.
الاتجاهان لديهما احتفالات متوازية، ومظاهرات متوازية، وندوات متوازية، وشخصيات متوازية وصحف متوازية، وجماعات متوازية... ويبدو أن الأمر في سباق، بين من يسعى إلى إرجاع البحرين إلى عهد أمن الدولة البائس، وبين من يسعى إلى دفع البحرين نحو المزيد من الحريات التي تعم أرجاء الدنيا ويتمتع بها بنو البشر من مختلف الأديان والثقافات والعرقيات.
ولو رجعنا الى عناوين الصحف الرئيسية سنجد تعبيرات متوازية... فيوم أمس نشرت «الوسط» في خبرها الرئيسي مبادرة سمو ولي العهد التي يسعى من خلالها إلى توفير فرصة للمتميزين «على أساس الكفاءة المجردة من كل الاعتبارات الأخرى» وإرسالهم إلى أفضل الجامعات العالمية من دون أن تفرض عليهم أية شروط أو مقدمات للحصول على البعثات التي تتطلب الحصول على درجات عالية ومن ثم اجتياز الامتحانات المحايدة التي لا يمكن لأي طرف أن يتدخل فيها لاختيار شخص ما على أساس المحسوبية او «المنسوبية». هذا هو عالم مشرق نتطلع اليه جميعاً ونأمل أن تنعم البحرين بمثل هذه المبادرات باستمرار.
وعلى الصفحة الأولى ذاتها «أمس» كان هناك خبر آخر يمثل البحرين الأخرى، فهو خبر تكريم مدير المعهد الوطني الديمقراطي فوزي جوليد الذي تم طرده من البحرين بأساليب أمن الدولة نفسها التي أهلكت البحرين وأدت بنا الى أن نتخلف عن الركب بحيث أصبحت دول الجوار التي كانت تتعلم منا أفضل منا في مجالات كانت للبحرين فيها الريادة. التبريرات والأساليب التي استخدمت في طرد جوليد ذكّرت أكثرية شعب البحرين من السنة والشيعة بما كان يجري في ظل قانون أمن الدولة، وكيف كان في تلك الأيام شخص ما يستطيع أن يسجن أي شخص أو ينفي أي شخص او يسحب جواز اي شخص، من دون حساب أو عتاب.
عالمان متناقضان... ونحن في «الوسط» نعتبر أننا جزء من عالم الحريات والانسانية وأننا نمقت العالم الدكتاتوري الذي يحاول البعض إرجاعه
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1345 - الجمعة 12 مايو 2006م الموافق 13 ربيع الثاني 1427هـ