نواصل في هذه الحلقة النقاش الذي بدأناه أمس (الأربعاء) بخصوص إنفاق الأسرة البحرينية. فقد كشفت دارسة تابعة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن الأسرة البحرينية تخصص في المتوسط 27 في المئة من دخلها للأطعمة. وفي الوقت نفسه، تخصص 27 في المئة أيضا لمصروفات المسكن وتوابعه.
عموما تعتبر النسبة المخصصة للأطعمة معقولة، وذلك بالنظر إلى متوسط عدد أفراد الأسرة البحرينية (ما بين خمسة وستة أشخاص في المتوسط). يبقى أن الخطأ هو تخصيص أموال ضخمة نسبياً للسكن وتوابعه مثل الكهرباء والماء. وكما أشرنا في مقال يوم أمس، فإن الحكومة مسئولة إلى حد ما في إيجاد أزمة المسكن في البلاد بسبب بعض سياساتها الاقتصادية مثل السماح لغير المواطنين بالتملك في البلاد بلا رقيب أو حسيب، وذلك على رغم محدودية مساحة البحرين.
أزمة المواصلات
فضلا عن السكن والأطعمة، تخصص الأسرة البحرينية 13 في المئة من دخلها لأغراض النقل والمواصلات. وهذه الحقيقة تعني فيما تعني أن الأسرة البحرينية تفضل استخدام السيارات الخاصة بدل الاعتماد على وسائل النقل العامة. ومن دون شك فإن الأمر يعود إلى عدم توافر البديل الناجح فيما يخص وسائل النقل العامة مثل القطارات، بيد أنه بدأت خدمات النقل العام تتحسن في السنوات القليلة الماضية بعد تحويل الخدمة إلى عهدة القطاع الخاص.
المؤكد أن الحكومة لم تقم بدورها في توفير وسائل النقل العامة بالنسبة إلى المواطنين، ما يعني قصورها في تنفيذ واجباتها. بالمقابل يلاحظ في هذا الصدد بدء العمل في إنشاء شبكة القطارات في إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة. كما أن غالبية مدن أوروبا الغربية توفر وسائل النقل العام لعامة الناس. المعروف أن حكومات الدول الغربية تفرض في المقابل ضرائب عالية نسبيا على أسعار البنزين، وذلك نظراً إلى توافر وسائل النقل العام البديلة لاستخدام السيارات الشخصية.
الملابس والأثاث
فضلا عن المسكن والأطعمة والمواصلات، تصرف الأسرة البحرينية 9 في المئة من دخلها على الملابس، 8 في المئة على الأثاث والتجهيزات المنزلية، 4 في المئة على التعليم، 3 في المئة لكل من الثقافة والترفيه، العناية الشخصية، الرعاية الصحية. ويمكن تفهم ظاهرة انتشار المجمعات التجارية في البلاد على خلفية الأموال التي تخصصها الأسرة البحرينية لاقتناء الملابس. ويبدو لنا أن ليس بمقدور أحد أن يحاججنا إذا زعمنا بأن الإناث يقبلن على اقتناء الملابس أكثر من الذكور. لكن السؤال المطروح وربما بحاجة إلى دراسة هو: هل يشتري المواطن البحريني من الملابس بقدر حاجته أم أنه يبالغ في اقتناء الملابس ويقع فريسة سهلة لأساليب التسويق مثل الدعاية؟
كما يلاحظ انتشار أماكن بيع المفروشات في أرجاء المملكة، وقد يعود الأمر إلى أمور مثل رغبة الأسرة البحرينية في تجديد أثاثها بين الحين والآخر، وملاحقتها لظواهر الموضة وحب تقليد الآخرين. لكن لاشك في أن أحد أسباب انتشار أماكن بيع المفروشات بالمفرق يعود إلى مسألة إقدام الشباب البحريني على الزواج وبالتالي حاجتهم لتأثيث بيت الزوجية.
4 في المئة للتعليم
من جملة الأمور يلاحظ تدني النسبة المخصصة للتعليم (4 في المئة) إذ إن الأمر يعود إلى قيام الحكومة بتوفير الخدمة مجانا في المدارس الحكومية، ولا شك أن الأمر يختلف في حال الدراسة في المدارس والجامعات الخاصة. وبحسب إحصاءات وزارة التربية والتعليم بخصوص السنة الأكاديمية 2004 و2005 بلغ عدد المدارس الحكومية 203 مدارس بزيادة 4 مدارس. في المقابل بلغ عدد المدارس الخاصة 55 مدرسة بزيادة 3 مدارس في غضون سنة دراسية. يدرس نحو 20 في المئة من الطلاب في المدارس الخاصة. والأهم من ذلك أن الأرقام تشير إلى ان هناك إقبالا متزايدا على المدارس الخاصة على حساب المدارس الحكومية.
أخيراً... نأمل أن نرى المزيد من الدراسات عن سلوكات المصروفات لدى الأسرة البحرينية وعلى الخصوص اتجاهات الإنفاق المستقبلية. كما أن الأمل معقود على الحكومة للمساهمة بشكل فعلي في إيجاد حل للأزمة السكانية في البلاد حتى يتسنى للمواطن أن يخصص المزيد من أمواله لأمور حيوية مثل التعليم، الثقافة، الترفيه، العناية الشخصية والرعاية الصحية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ