العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ

مؤتمر ابن خلدون: ابن خلدون لم ينشغل بفكرة الإصلاح!

اختتم بمائدة مستديرة أثارت الكثير من الأسئلة

أشاد المشاركون في اليوم الختامي من مؤتمر ابن خلدون «الفكر الخلدوني وخطاب الإصلاح» بالمكانة التي تحظى بها مقدمة ابن خلدون. مؤكدين أن ابن خلدون لم ينشغل بفكرة الإصلاح المباشر وانما بالعلل التي تبحث في أسباب العمران الانساني. وكان مؤتمر «الفكر الخلدوني وخطاب الإصلاح» اختتم أعماله صباح أمس (الخميس) في كلية الآداب بجامعة البحرين بمائدة مستديرة شاركت فيها مجموعة من المفكرين العرب.

وافتتح المائدة المستديرة عميد كلية الآداب رئيس المؤتمر ابراهيم عبدالله غلوم بتأكيد أن «هناك عدة مستويات من التقاطع والتلاحم تدور حول الخطاب الخلدوني. وهو خطاب ذو تاريخ قريب من مشروع النهضة العربية. والمهم الآن أن هذا الخطاب يثير سجالات عن مفهوم الإصلاح ويقيم تقاطعات شتى مع الوضع الراهن. وبالأمس القريب كان هذا الخطاب مرفوضا، بينما هو الآن أمر مطلوب ذلك أن المبادرات الداخلية والخارجية تفرض هذه المؤتمرات حول هذا الموضوع اليوم».


لماذا تقوم الدول؟

بينما أشار المفكر العربي محمد عابد الجابري الى أن فكرة الإصلاح لم تكن شغلت فكر ابن خلدون وانما ذهب الى خط مناهض لها. وأوضح الجابري: «لقد كان ابن خلدون ملتصقاً بحياته التي مرت بأربع محطات: 20 عاماً قضاها في تونس يدرس الفلسفة والمنطق. ومحطته الثانية كانت في المغرب التي مكث فيها 16 عاماً، ومن ثم الى الجزائر التي قضى فيها 16 عاماً أيضاً. ومن ثم الى مصر التي قضى فيها 25 عاماً حتى توفي.

أما اشتغال ابن خلدون على مقدمته فسببه أنه أراد أن يكتب باسمه كتاباً عن تاريخ البربر، لأنه عرف مجتمعهم ودرسه من المراجع وكان السؤال الاساسي الذي شغله: لماذا تقوم الدول ولماذا تسقط؟ فجاءت المقدمة اجابة على هذه الأسئلة. لقد يئس ابن خلدون من الإصلاح لأنه اكتشف أنه من دون عصبية لا تقوم الدول. ولكنه كان يأس عالم تحول الى البحث عن اجابة وللفهم».


أسئلة عن مفهوم الإصلاح

في حين أثار المفكر العربي برهان غليون عدة أسئلة عن مفهوم الإصلاح وكيف نفهم سلوك وسياسات الدول العربية التي نطالبها بالإصلاح. وأجاب على ذلك بقوله: «ليست هناك سياسة من دون إصلاح، فعملية تحسين أدوار النظم عمل روتيني ويحصل في جميع البلدان الا أن استخدامنا لهذا المصطلح بدأ يأخذ مفهوما أيديولوجيّاً. وقد اكتشفنا خلال الفترة بين الحربين العالميتين أننا متأخرون. وعندما انتقلنا من مفهوم النهضة الى مفهوم الثورة كرهنا السلطات لأنها سلطات في نظرنا لا تهتم بمصالح شعوبها وانها مسئولة عن تأخرنا وانه لا يمكن الإصلاح من دون إزالة تلك السلطات. وأننا اليوم أصبحنا نشعر أننا نعاني الجهل والفرق والمرض والانتهاك لحقوق الإنسان تحت ادارة النظم الشمولية. وأعتقد أننا شيئاً فشيئاً نصوغ مفاهيم جديدة بشأن الإصلاح منذ السبعينات».

وسأل مرة أخرى: «هل النظم العربية قادرة على الإصلاح وهل تستطيع تحقيق المطالب الكبرى؟ انه من الصعب إجمال العالم العربي هنا وانما هناك شرطان لتحقيق ذلك: الأول أن تكون النظام قابلاً بتكوينه لأن يستجيب للضغوط. الثاني أن يكون النظام يملك استقلالية في اتخاذ القرار فنحن نعيش في مناطق من أكثر الدول خضوعاً للنظم العظمى».


خطاب الإصلاح أهم العقبات

أما المفكر أبو يعرب المرزوقي فذكر أن أهم عقبات الإصلاح هو خطاب الإصلاح الذي نتناوله نحن. وقال بهذا الصدد: «لكأن المثقفين العرب حولوا أنفسهم الى متاخمين للدولة. أي الى سلطة ترادف سلطة السياسي أي أنهم تصوروا أن الإصلاح هو سياسي بالأساس. ومن ثم كانت رؤيتنا تحول دون رؤية مجالات الإصلاح ذلك أننا نريد الإصلاح المباشر في حين أن سلطتنا هي سلطة العمران. فما هي وظيفة الإصلاح غير المباشر؟ فهذا هو السؤال الذي أراد أن يتحدث عنه ابن خلدون حين اكتشف ما كان ينبغي إصلاحه؟ لذلك، قال في مقدمته ان هذا العلم الذي اكتشفه هو علم بذاته فهو علم مبني على الوظائف الأساسية».


نظم عربية قائمة

من ناحيته تحدث المفكر فهمي جدعان عن النظم العربية القائمة اليوم حين أوضح أن «هناك ثلاثة نظم: نظم الاسلاميين، نظم الليبراليين، ونظم العلمانيين. ولا أقول القوميين لأنه وصل الى طريق مسدود. فعلى هذا النظام القومي أن يراجع نفسه من أجل أن يسابق المسيرة فهو حتى الآن عاجز عن التقدم الى مناطق أكثر حضوراً وارتباطاً.

وما أعتقده أنه يجب أن تسير هذه النظم جنباً الى جنب واحدة باثر واحدة فلن يستطيع أي منها أن يفعل بمفرده أي شيء، ولا يستطيع أي واحد منها أن يقوم بخطوة لوحده. فنظام الاسلاميين وليس الاسلام تحديداً اتخذ مفهوم الحاكمية، أي إصلاح العالم العربي وما حدث هو الانفصام بينه وبين الدولة كما نعاني نحن اليوم من الظاهرة نفسها وهو انفصال وبالتالي لن نصل الى نتيجة».

وبشأن العلمانيين أضاف جدعان: «ان هناك مفهوماً واحداً بشأن العلمانيين وهو ان تكون هناك عملية فصل بين الدولة والدين بينما هناك مفهوم آخر يرى أن تكون الدولة حيادية بشأن الدين. وأن تكون هناك استقلالية للعقل العربي عن أية سلطة خارجية. ولكن لا يمكن التسليم بأية سلطة نهائية لا حدود لها، فالعقل قوة في الانسان تقابلها قوة أخرى لا تسمح له بالاستقلال تمام الاستقلال. بينما النظام اللييرالي هو بالأساس نظام يرفض جميع النظم السياسية مع أنه عدة أنواع وهي الليبرالية التكاملية والاجتماعية الى آخر الليبراليات».


شهادات في مؤتمر ابن خلدون

الجابري:

ما يتبقى من ابن خلدون هو موضوع العصبية الذي تناوله من خلال دراسته تاريخ العرب على اساس العصبية. فهو قد تناول موضوع التاريخ العربي من زاويته وسيبقى ابن خلدون ومازال باقياً لأن العصبية انبعثت من جديد.

غليون:

ان موضع الإصلاح هو الموضوع الأهم اليوم في العالم العربي. وهو موضوع الادراك الرئيسي لأننا تحولنا اليوم الى الرجل المريض فعلينا البحث عن الوسائل والأهداف.

سعيد هاشم: قسم العلوم الاجتماعية - جامعة البحرين:

ان هذا المؤتمر يأتي فرصة للتفاعل والتلاقح بين الامكانات البشرية الفكرية التي تستضيفها الجامعة وبين أساتذة الجامعة. فالى أي مدى تستطيع الجامعة الاستفادة من تفعيل ما يطرح من آراء تتعلق خصوصاً باستراتيجية التعليم وتفعيلها في مجال وضع مقررات تتماشى مع متطلبات السوق المرتبطة بالتطورات الاقليمية والى أي مدى يمكن تفعيل الاطروحات التي طرحها ابن خلدون في مجال التعليم، أطروحات في كيفية تعامل الأستاذ مع الطالب عندما أحاول أن أخلق طالباً ناقداً ومثقفاً

العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً