البحرين الثقافية في عددها 44
الوسط - المحرر الثقافي
في العدد الجديد من البحرين الثقافية الصادر في شهر أبريل / نيسان الماضي. مساحات لأضواء فكرية شتى وزوايا ثقافية مهمة لعل أبرزها الملف الذي أعده عبدالقادر عقيل عن عبدالرحمن منيف ومرور عامين على رحيله. كتب في الملف كل من حسن مدن «مدن سريعة الذوبان كما الملح»، طلال سلمان «عبدالرحمن منيف... قبل أن يكتب»، عبداللطيف الخرز «لماذا تركتني على الجسر وحيدا»، نبيه القاسم «أين هو التاريخ؟ لا أرى الا ركاما من الأكاذيب»، في ذكرى غيابه الثانية... نص غير منشور/ عبدالرحمن منيف، منال العويبيل «العقد المفخخ بذاكرة الحكايا». واستحضر الملف شيئا مما قيل عن عبدالرحمن منيف الذي كان بحسب ما قالته زوجته سعاد قوادري «ظل مؤمنا بأن الفن والأدب لايزالان قادرين على قول شيء يختلف عن الضجة والصراخ والشعارات والندب والتفجع أيضا»... لقد كان ممتلىء الرضا والقناعة بما اختاره في كل مراحل حياته، وقال أكثر من مرة: لو خيرت للبدء من جديد لما غيرت شيئا مما حدث، بالاضافة الى أنه كان مغتبطا بكل ردود الفعل والمواقف، وشعر أنه أخذ حقه و(زود) كما يقول.
في حقل الدراسات في المجلة نقرأ: الأثر اللساني في الدراسات الأدبية لحسن مسكين، اشتغال الصحراء في رواية التبر لمحمد آيت لعميم، المعرفة حبا ولعبا ومرحا وتضادا لعلي الديري ولمحات من أدب الأطفال في البحرين لجعفر حسن. كما نقرا لحسين مرهون حواره مع المترجم والناقد خليل أحمد خليل الذي يقول: «(بورديو) مخرب... و(أركون) يهدم ولا يبني». كما نقرأ لعباس المرشد حواراً مع الباحث والمفكر اللبناني الذي يقول «حولنا العولمة الى حديث مجالس»، ولعلي القميش لقاءه مع الباحثة الأكاديمية نهى بيومي التي تقول: مناهج جامعاتنا العربية قاصرة وعتيقة، ولعباس يوسف لقاءه مع الفنان والناقد التشكيلي عادل السيوي الذي يقول: دور الصورة مرتبط برحلتنا في الحداثة.
مع نصوص المجلة نقرأ «آخر ليلة دافئة» لباسمة يونس، «الشرفة» لفاطمة ناعوت، «الوجوه جهات... أقنعة وأناشيد في الشتات» لعياش يحياوي، «ومضات في الضحى والليل» لحسن فتح الباب، «خازنة الفرح» لوفاء خازندار، «يلمس سماء، ويبكي» لأحمد زرزور، «أولاد» لثناء حسن، «هل هناك مكان آخر نستطيع أن نلتقي فيه» لنادين جورديمر، «الريح سوف تحملنا» لفروغ فروخزاد. وفي حقل التاريخ والآثار يكتب عبدالرحمن مسامح عن ادرلاج موقع قلعة البحرين الأثري على قائمة التراث العالمي، وعن ترميم وصيانة مخطوطات بيت القرآن تكتب فاطمة عيسى، كما يكتب عبدالعزيز صويلح عن الظاهرة العددية لتلال المدافن في مملكة البحرين.
وفي حقل المسرح نقرأ لنادر القنة عن ألفريد فرج. وفي مراجعات الكتب نقرأ عن العرب في عيون يابانية لسامي عباس، وعن ادوارد سعيد أو الاسم الجريح لعبدالملك أشهبون.
صرح رئيس قسم الدراسات الاسبانية آدم أنديرلي بمناسبة نشر مجلد «دون كيخوتي المجري» بأن رائعة ثربانتس صارت جزءاً من الادب المجري. وقال أنديرلي إن قسم اللغة الاسبانية بالمجر خصص كتابه السنوي للفارس ذي الشخصية الحزينة «للتعبير عن التأويلات المجرية للكيخوتي في الوقت الحالي». وأشار ناشر المجلد إلى أن «الدور الذي يلعبه الكيخوتي في الادب المجري يبدو واضحاً على اعتبار أنه خلال 150 عاماً مضت تم نشر رائعة ثربانتس 58 مرة أي مرة كل سنتين أو ثلاث».
وقد تعاون متخصصون بارزون في اللغة الاسبانية في المجلد السنوي عن طريق مجموعة متنوعة من المقالات المتعلقة بعمل «دون كيخوتي» لتقدم صورة لمختلف توجهات الباحثين. في مقدمة المجلد السنوي كتب أنديرلي «إن الكتاب هو تكريم للعمل ولمؤلفه في ذكراه السنوية». ولم يركز الباحثون فقط على «الكيخوتي المجري» اذ تنوعت المقالات مثل «دون كيخوتي في العالم الجديد وفي بيرو» و«تأملات حول تداخل الاسبانية والانجليزية عند ترجمة دون كيخوتي» أو «رواية ثربانتس والخطاب السياسي الثقافي في المجر خلال النصف الاول من القرن التاسع عشر». ويذكر أنه في العام الماضي في الذكرى المئوية لنشر الكيخوتي قدم جانوس بينيهي ترجمة جديدة في لغتها مضيفاً عليها بعض التصحيحات الطفيفة.
المنامة - هدير البقالي
«نحن عقلانيون بلا هوادة، عاجزون عن التأقلم مع القدر، عاجزون عن فهم معناه، نتصور أننا مركز أفعالنا، ونعتقد أننا ننهار بمشيئتنا. وما أن تتدخل تجربة في حياتنا حتى يتخذ القدر الهلامي المجرد، في نظرنا، مجد الشيء المحسوس. هكذا يقوم كل منا وعلى طريقته بتسجيل دخوله إلى ما هو لا عقلاني».
إميل سيوران
ثمة دلائل عقلانية، يتمتع بها الإنسان الخارج عن ثنايا التعقل بالفلسفة اللاعقلانية، إذ المجنون والعاقل، يخوضان نزاعا مريرا عبر المكان والزمان، فلا هو بمجنون، ولا هو بعاقل، بل إنسان «افتراضي»، يحرص على التأمل بما هو ليس له.
كثيراً، من المفاهيم والظواهر، والإصلاحات المنطقية للفكر، ترتقي حراكاً ثقافياً، وفكرياً، وإعلامياً، ولا يكون ذلك، حتى يكون ثمة اتصال العقل من اللامكان، واقتباس التوافق الحديث من المنطق، بنسق يقارب الأقلية من الأكثرية، فتعد الثقافة التجانسية نوعاً من الارتقاء، وغير التجانسية ثقافة خاصة، وبالتالي، تبنى التصورات جنباً إلى جنب، للدخول لأنوية العقل.
يظل العقل، جدلاً مثيراً لشفرة الإنسان الحر، بتناقضاته وتبايناته، ومركزاً يستثير الإجابات الناقصة والمفترضة، للتغيير والتبدل، في حين، تنتج المطارحات النقدية مساءلات تأصيليه، بإعراب وترجمة ما ليس لها من الكتب، للولوج لبواطن العقل، ولإيجاد دور ما يشرع لها نقل تلك الأفكار عبر بوابتها، للالتحاق بألويتها.
ولعل، ما يحيط بالعقل من هالات، تتسم بمضامين العقل الداعي، للديمقراطية على أرض دكتاتورية وعرة بأنظمتها وذات مغزى محتدم، أمراً بعيداً، بتطبيق آرائها الفاعلة والمفتعلة لمجموعة من الأقزام تناجي حرية العدالة، إلا أنها تصيغ عبارات ذهبية الملمس، تنشد بها أصحاب العقول التكتيكية، لتعويض فراغها العاطفي للعقل، أو العقائدي للجسد في حين آخر.
وبهذا التصور، فإن العقل يخدم رموز الأشياء الغرائزية، لمنطقة إبداع العقل، لقوانيين تبرر وأخرى تحذف، قبيل دخولها موقع العقل، فلا تعد تمثيلاً حينئذ، بل نتيجة لمكونات، تختلف وتتشابك، بأفضل الموروثات المطلقة، وبحدود تنطق، الحقائق المعرفية، التي نحترب لامتلاكها، لحظة ضلوعها بقرارات وجودية، وكيانات تهدف لابراز الإنسانية، لكي، يكتمل النصف الآخر من العقل، ولمواجهة اللاعقلية بتحالفات عقلية.
قد ينفرد العقل المرهف، بالقبول بوسائط المؤسسات الحيادية، لتلطيف الهواء الخارج من كتمان الأنفس، لهنيهات، بإصلاح ما لا يمكن أصلاحه، وبتدرج لمفاهيم غيبية، يصعب على جموح الإدراك قبل العقل، وتتوق الرؤى لهذه الغرائب غير الطبيعية، عندما تتشكل بإرادة الإنسان، وبالمقابل، تتصدى الفلسفة بالبحث عن سرائر غامضة للعقل، فتكون ظاهرة ميتافيزيقة، يستثمرها لاحقاً، باسم حرية العقل، لا باسم الإنسان
العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ