العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ

مؤتمر ابن خلدون يؤكد أصالة الإصلاح في الفكر الخلدوني

أشار المشاركون في مؤتمر ابن خلدون (الفكر الخلدوني وخطاب الاصلاح) الى أصالة مفهوم الاصلاح في فكر ابن خلدون، مؤكدين أنه خطاب انشغل بالعلل التي تقف وراء كل ما شغل الناس على اختلاف أطوارهم. وقال المشاركون إن خطاب ابن خلدون في «المقدمة» في القرن الثالث عشر الميلادي محاولة قوية لاستعادة حركة تحرر العقل من قيود الخرافة وزيف الحقائق.

وكان المؤتمر الذي من المؤمل أن يختتم أعماله اليوم (الخميس) بمائدة مستديرة لمجموعة من المفكرين العرب، عقد صباح أمس الأول (الثلثاء) في مبنى كلية الآداب بجامعة البحرين، إذ قدم فيه 16 بحثا محكما من قبل مجموعة من المفكرين العرب الذين تمت استضافتهم مثل برهان غليون، أبو يعرب المرزوقي، فهمي جدعان ومجموعة من أساتذة جامعة البحرين.

وتناول الباحثون مسائل عدة في الفكر الخلدوني تراوحت بين البحث في القضايا الفلسفية والمنهجية والقراءة المبينة للمشكلات الاجتماعية الواردة في مقدمته.


يختتم أعماله اليوم وسط حضور فكري

مؤتمر ابن خلدون: خطاب الإصلاح الخلدوني محاولة لاستعادة العقل

الصخير - جعفر الديري

اتفق المشاركون في مؤتمر ابن خلدون «الفكر الخلدوني وخطاب الاصلاح» على الأهمية الكبرى التي يحظى بها مفهوم الاصلاح في فكر ابن خلدون وأنه ذو طبيعة مختلفة عن العصر الاسلامي الأول، وذو مهاد في فلسفة التاريخ وفلسفة الاجتماع لم تنشغل بما اشتغلت به الفرق والمذاهب وانما بالعلل التي تقف وراء كل ما شغل الناس على اختلاف أطوارهم. مشيرين الى أن في خطاب ابن خلدون في «المقدمة» في القرن الثالث عشر الميلادي محاولة قوية لاستعادة حركة تحرر العقل من قيود الخرافة وزيف الحقائق.

وكان المؤتمر الذي يختتم أعماله اليوم (الخميس) بمائدة مستديرة لمجموعة من المفكرين العرب عقد صباح الثلثاء 9 مايو / أيار الجاري واستمر لثلاثة أيام في مبنى كلية الآداب بجامعة البحرين. وقدم فيه 16 بحثا درس أصحابها مسائل عدة في الفكر الخلدوني تراوح بين البحث في القضايا الفلسفية والمنهجية والقراءة المبنية للمشكلات الاجتماعية الواردة في مقدمته.

وقد تناولت جلسات اليوم الأول من المؤتمر عددا من أوراق العمل منها ورقة الأستاذ في جامعة تونس الأولى أبو يعرب المرزوقي عن الاصلاح المتصل أو جدل صورة العمران ومادته. وورقة عدنان زرزور من جامعة البحرين عن ابن خلدون وفقه السنة. وورقة رقية العلواني من جامعة البحرين عن منهج ابن خلدون في اصلاح العملية التعليمية. بينما تناول يحيى الحداد من جامعة البحرين موضوع: ابن خلدون والرؤية الظاهرية للدورات. كما تناول عبدالقادر فيدوح من جامعة البحرين موضوع العقل العملي في فكر ابن خلدون. ومحمود جاد جمعة من جامعة البحرين تناول موضوع ابن خلدون واصلاح العقل والمنهج العلمي.

وفي جلسات اليوم الثاني من المؤتمر قدم اسماعيل الربيعي من جامعة البحرين قراءة تاريخية في الفكر الخلدوني، وعرض فيصل غرابية من جامعة البحرين لموضوع اشكال العلاقة بين المثقف العربي والواقع. كما ألقى عبدالفتاح جبر من جامعة البحرين الضوء على الايحاءات الاجتماعية والثقافية لخطاب ابن خلدون. وتناول كل من عبدالحميد السيد وعبدالله الحيدري من جامعة البحرين مصفوفة المصطلحات والمفاهيم في مقدمة ابن خلدون. وعن مفهوم الفلسفة النظرية وشروط التطور الانساني بين ابن خلدون وابن رشد قدّم علي كاظم من جامعة البحرين مقارنة. وكانت أيضا لمحمد السيد من جامعة البحرين مقارنة بين ابن خلدون وجاريد ديموند في تناول التاريخ العام. وتناول عبدالستار الهيتي من جامعة البحرين موضوع الاستهلاك المفرط عند ابن خلدون. وتناول أحمد محمد علي من جامعة البحرين تفسير الذوق عند ابن خلدون.

ضربان من الغلبة

ففي ورقته أوضح الأستاذ بجامعة تونس الأولى أبويعرب المرزوقي: «ان ابن خلدون يتكلم على ضربين من الغلبة. فالبداوة تابعة دائماً للحضارة في قيم الحياة الحضرية التي هي غاية تسعى إليها طلباً للدعوة والراحة وسد الحاجات. لكن الحضارة تابعة دائماً للبداوة في قيم الحياة الطبيعية التي هي بداية تحن إليها طلباً للفتوة والقوة الحيوية. لكن الطلب والحنين في الاتجاهين يتخذان أبعادا وجودية عميقة يمكن الرمز إليها بطبيعة التحيز الذي يعبر عنهما.

فقيم الحياة الطبيعية يمكن بمنطق الفلسفة الدينية والتاريخية أن نرمز إليها بكيفيات ترجمة الحيزين الطبيعيين (المكان والزمان) إلى ضروب وجودية لتعين الحياة البشرية فيكون التدافع والحوار مدارهما حول مسألة تقاسم المكان والزمان والتنافس على الحصص فيهما: فالوجود الإنساني يتعين في الامتداد (الحصة من المكان) والمدة (الحصة من الزمان) الفعليين ويرمز إليهما الدور في الثروة الفعلية والثروة الرمزية للأمم أي مادة العمران التي تتألف من الاقتصاد والثقافة. والحصة من المكان يمكن أن تكون ملكاً لقطعة منه أو سلطانا على المكان من دون ملكية قطعة منه كما هو شأن الشركات العالمية التي تسيطر على المكان بالسيطرة على الأسواق. كما أن الحصة من الزمان يمكن أن تكون قياما في قطعة منه هي المدة أو سلطانا عليه من دون قيام كما هو شأن المبدعات الفكرية التي تبقى بعد زوال أصحابها.

وقيم الحياة الحضرية يمكن الرمز إليها بكيفيات ترجمة الحيزين الثقافيين (= سلم المنازل الاجتماعية والدورة الوجودية) إلى ضروب وجودية لتعين الحياة البشرية فيكون التدافع والحوار مدارهما حول مسألة تقاسم المنزلة في السلم الاجتماعي وفي الدورة الوجودية والتنافس على الحصص فيهما: الوجود الإنساني يتعين في الامتداد الرمزي (المنزلة في السلم الاجتماعي أو الوجاهة الزمانية بلغة ابن خلدون) والمدة الرمزية (النزلة في المنظور الوجودي أو في وحدة تحول الموجودات بعضها إلى بعض في أصلها أو الوجهة الروحية بلغة دينية) ويرمز إلى أولهما الدور في السلطة الزمنية وإلى الثانية منهما الدور في السلطة الرمزية للأمم أي في صورة العمران التي تتألف من الدولة والتربية».

وتابع: «ويجتمع الأمران في التدافع والحوار الجاريين في التعبيرات الحضارية الشاملة لوجود الأمم الرمزي لصوغ مسألة الوجود الإنساني في علاقته بالوجود المطلق وذلك هو المعنى العميق لفلسفة الدين المطابقة لفلسفة التاريخ من المنظور القرآني كما فهمه ابن خلدون: فيكون التعبير على التعينات السابقة في التعين الرمزي الرئيس بأشكاله الأدبية والأسطورية والدينية والفلسفة أشكاله الممكنة من التعالي على - المحايث بفضل فلسفة الدين وفلسفة التاريخ. ويكون مدار الحوار الإنساني الشامل حول غايات الوجود ورؤى العالم الأساطير والفلسفات والآداب (فلسفة الدين) وأدواته (فلسفة التاريخ) لتكتمل في خاتم الأديان الذي يتبين معنى الختم فيه عندما يصبح مصير البشرية واحدا ليس في مستوى التمني فحسب بل في الواقع التاريخي الفعلي كما نعيشه الآن».

توظيف الخبرة

بينما تحدث إسماعيل الربيعي من جامعة البحرين عن توظيف الخبرة لدى ابن خلدون فقال: «يبرز مجال توظيف الخبرة لدى ابن خلدون من خلال وضوح الرؤية المعرفية لديه، التي تبقى مرتكزة حول فكرة التأثير، تلك التي تفرضها طبيعة العلاقة القائمة بين الغالب والمغلوب، هذا التأثير الذي يكون بمثابة الحافز نحو توكيد دور العقل في توظيب معالم العلاقة داخل الثقافة الواحدة بل إن الانفتاح المأول من مجال التأثير لا يعدم من أن يكون وسيلة للكشف عن المخبوء والمكتوم من المآسي التي يتم ارتكابها بحق البشرية من قبل القوى المهيمنة والغالبة، ومن هذا فإن تشكيل العلاقة التي يحاول ابن خلدون تبويبها لا تقوم على صراعية طبيعية، بقدر ما تحاول الخوض في تحديد المؤثر الثقافي الذي يكون أثره أشد فتكاً وقوة من الحروب والمعارك. أما فكرة التحول التي تتمركز حول تبدل أحوال الأمم والأجيال فإن ترصده الأهم يبقى قائماً حول التمييز بين السياسي والمعرفي، إذ كانت نتاجاً لفترة الحياد التي اختارها مؤرخنا في سبيل ترسيم معالم العلاقة بين تفسير الظواهر سعياً إلى الفهم، ومحاولة الوعي بما آلت إليه أحوال الأمة، ومن تفكك وعجز وتنابذ وصراع على الصعيد السياسي، وانفتاح على المعرفي وحضورية الرأي، ولا سيما أن المؤثرات الحاضرة، تبقى فارضة حضورها على تفعيل هذا الحيز أما فكرة النقدية فإن طريقة البحث والتحليل التي انغمس فيها ابن خلدون كانت أبرزت حيز الاشتغال في التنقيح والتعديل والتحقيق، وعلى هذا راح ينعى مبدأ التقليد، والذي كان له الأثر البالغ في كم النتاج التاريخي، ومن هذا فإن الاستثمار الواعي الذي تحقق لابن خلدون إنما جاء من واقع الإفادة التي وضعها علماء البلدانيات، والسياسة، والخراج، والاقتصاد، وتاريخ الأمم، والتاريخ الثقافي، والفكري، والمذهبي.

لقد جاء الاشتغال التاريخي عند ابن خلدون ضافياً محدداً بوصفه، منهجية حتى ليمكن وصفها بالمصفوفة الخلدونية تلك التي تحرص على:

1. رصد عمل المؤرخين وتمييز حقل الاشتغال المهني بدقة عالية، حتى لكأنه يحاول وضع شروط وظيفة المؤرخ.

2. ترسيخ معالم العقل الواعي عبر التركيز على النقد التاريخي، والولوج في المقارنات ورصد المفارقات والوهن ومواطن القوة.

3. الاستفادة النابهة من العلاقة بين الأجيال، ومن خلال التركيز على دراسة علاقة النسب والتحقق منها، وتوظيفها كعلاقة تحقيق واشتغال، وليس أداة للتبعية وترسيخ الأوهام».

الواقع والامتداد التاريخي

وعن الواقع والامتداد التاريخي قال عبدالقادر فيدوح من جامعة البحرين: «لقد كان ابن خلدون يربط بين الواقع والامتداد التاريخي بتعليل الأفعال من العقل المنشئ، لذلك كان يرى أن لكل واقع واقعاً آخر، سابقاً عن الذي نعيشه، واقعاً متغيراً بعلة. وأن على المرء أن يتلون بتلون واقعه الذي يعيشه حتى يؤكد ذاته في صورة مغايرة على التي كان عليها أسلافه في السابق، لاختلاف العلة الفاعلية بوصفها عاملاً مؤثراً في الواقع، إذ لولا المجتمع المتفاعل مع هذا الواقع الجديد، والغاية التي يسعى إلى تحقيقها، والرغبة في إثبات الوجود، والحوافز التي تدفع به للوصول إلى هدف ما، ولولا كل هذا لما وجد هذا الواقع بهذه الصورة وفق «قانون الملاءمة بين الحي والبيئة الخارجية» ومن خلال العلة التي تتعاضد مع الارتباط والتواصل التي استنتجها ابن خلدون بالاستقراء عن طريق القياس: لأن علاقة الحاضر بالماضي هي علاقة سببية بفعل أداء الأعمال المنجزة التي يحققها كل عقل منشئ لهذا العمل أو ذاك، أو لديه الرغبة في إنشائه، وهي علاقة ذات «غاية» كون هذا الفعل متطلعاً إلى المستقبل، وكون المستقبل محركاً لهذا الفعل من خلال الوجود الذهني الذي يرسم للفعل غايته، أي من خلال الفكر. ومن هنا، تتكون دائرة السنن النوعية للتاريخ، التي موضوعها ذلك الجزء من الساحة التاريخية الذي يمثل عملاً له غاية، عملاً يحمل علاقة إضافية إلى العلاقات الموجودة في الظاهرة الطبيعية، وهي العلاقة بالغاية والهدف، بالعلة الغائية، وفي هذه الحال يستوجب ثلاثة أبعاد، بعد السبب والعلة، وبعد الغاية، وبعد العمل الذي يكون حاملاً لعلاقة مع هدف وغاية، ويكون في الوقت نفسه ذا أرضية أوسع من حدود الفرد، أي ذا موج يتخذ من المجتمع علة مادية له، وبهذا يكون عمل المجتمع المحكوم بالحتمية الدقيقة التي تربط فيها وحدة السبب بالمسبب في هذا الواقع المتجدد والمستمر من حيث لا ينفصل بعضه عن بعض إلا في الغاية، وذلك لأن العلة الغائية هي امتداد متغير ومتجانس مع متطلبات ومستجدات الحياة وبالنسبة إلى مقاصد كل واقع، وهذا ما يميز العلاقات المتبادلة بين كل واقع وآخر بوصفها متغيرات من آن إلى آن، ومن مرحلة الإمكان إلى مرحلة التحقق والإنجاز، ومن فعل التأسيس إلى التكوين الحضاري بالتدرج».

البداوة والحضارة

عن البداوة والحضارة تحدث عدنان زرزور من جامعة البحرين فقال: «ان البداوة والحضارة تشكلان (نسغ) نظرية ابن خلدون حقيقة، لأنها تسري في جميع جوانبها عموماً، كما أن ملاحظة جانبيها السكوني والحركي أمر مهم ودقيق، ولكن إذا أضفنا إلى هذه الملاحظة أن الجانب الحركي المذكور أقرب إلى السير في اتجاه واحد دائم... وليس لوناً من ألوان الصراع كما يقول الوردي... بمعنى أن الحركة هي حركة تطور وانتقال من البداوة والحضارة... وصولاً أو انتهاء إلى الترف ونهاية العمران... أمكننا القول: إن هذا التطور واحد من أهم السنين التي تحدث عنها ابن خلدون... بل هي السنة التي قادته إلى تعليل جميع ظواهر المجتمع السياسية والاقتصادية والتربوية والأخلاقية... لقد جعل ابن خلدون الانتقال من «الضروري» أو الترقي منه إلى «الحاجي» ثم إلى «الكمالي» مقابلاً أو معادلاً للانتقال من «البداوة» إلى «الحضارة»... ثم للتدرج في سلم الحضارة حتى الوصول إلى الترف الذي كما يقول ابن خلدون - «إذا بلغ غايته انقلب إلى الفساد وأخذ في الهرم، بل نقول (والكلام لايزال لابن خلدون): إن الأخلاق الحاصلة من الحضارة والترف هي عين الفساد». قلت: ولهذا عد ابن خلدون «صناعة الغناء» - على سبيل المثال - «آخر ما يحصل في العمران من الصنائع لأنها كمالية في غير وظيفة من الوظائف إلا وظيفة الفراغ والفرح»». واضاف: «وقد ذكر ابن خلدون بهذه المقابلة أو الانتقال والتدرج في سياقات عدة! قال: «قد ذكرنا أن البدوهم المقتصرون على الضروري في أحوالهم، العاجزون عما فوقه وأن الحضر المعتنون بحاجات الترف والكمال في أحوالهم وعوائلهم. ولاشك أن الضروري أقدم من الحاجي والكمالي وسابق عليه...» وقد أوجز ذلك بقوله: «إن الحضارة غاية للبداوة». وهكذا فإن في وسعنا أن نسلك «البداوة والحضارة» في سلك السنن والأسباب التي نعتقد أنها محور نظرية ابن خلدون، وهذه السنة هي سنة الارتقاء والتطور... ولطالما تحدث ابن خلدون عن التطور والتغيير والتبدل بتبدل الأعصار وتبدل الأيام... و عن الأسباب والعلل بما يحتاج أن يفرد بالبحث. قال رحمه الله: إن أحوال العالم والأمم، وعوائدهم ونحلهم، لا تدوم على وتيرة واحدة ومنهاج مستقر، إنما هو اختلاق على الأيام والأزمنة، وانتقال من حال إلى حال. وكما يكون ذلك في الأشخاص والأوقات والأمصار، فكذلك يقع في الآفاق والأقطار والأزمنة والدول «سنة الله التي قد خلت في عباده» (سورة غافر: 85)»...

إصلاح العملية التعليمية

رقية العلواني من جامعة البحرين خلصت في ورقتها إلى القول: «يمكن إيجاز خطوات إصلاح العملية التعليمية في منج ابن خلدون على النحو الآتي:

- إجراء عمليات المراجعة والتدقيق والتصحيح باستمرار، للتعرف على مناطق القوة والضعف في مسار التعليم.

- إصلاح المعلم والاهتمام بإعداده من أهم الخطوات الإصلاحية، فالتعليم لا ينبغي النظر إليه كمصدر للرزق أو الكسب فحسب، بل هو بالدرجة الأولى رسالة لابد أن يستشعر أهميتها القائمون بها. من هنا كانت مواصفات المعلم ينبغي ألا تحصر في الشهادات الجامعية فحسب، بل لابد أن تمتد لتشمل كل قدراته الأخلاقية والروحية والثقافية، وقدراً من الوعي الكافي بما يدور في مجتمعه والعالم من حوله.

- الاهتمام بالتعليم الأولي، وهو ما يعبر عنه في وقتنا الحاضر بالابتدائي، فهو قاعدة الهرم التعليمي وأساس البناء التعليمي. من هنا كان اهتمام ابن خلدون بتعليم الصبيان وتركيزه عليهم في غاية الذكاء والعمق الواقعي. فالاهتمام بالتعليم الابتدائي تنعكس آثاره على التعليم الثانوي والإعدادي والجامعي كذلك.

- الاهتمام بالتعليم المهني والتدريب والربط المتواصل بين التعليم التطبيقي والفكري».

الاستهلاك المفرط

وعن الاستهلاك المفرط الذي درسه ابن خلدون قال عبدالستار الهيثي من جامعة البحرين: «في ميدان الفكر الاجتماعي والاقتصادي قدم ابن خلدون طروحاً ونظريات مازالت تجد صدى صدقيتها وواقعيتها، يفيد منها العلماء المهتمون، وينهل منها الباحثون المتخصصون، ليسجل بذلك قدم السبق على كثير من علماء الاجتماع والاقتصاد. وفي موضوع (الاستهلاك المفرط) رأينا كيف أنه سبق الكثير من الاقتصاديين، فحدد ضوابط الاستهلاك الرشيد مستنداً إلى التوجيهات الشرعية، وأنه هو المحرك الأساسي والموجه لعمليات الإنتاج، وأن الضروري من الحاجات أصل والكمالي منها فرع ناشئ عنه، ثم عالج موضوع الاستهلاك المفرط تحت مصطلح الترف، وعدد مظاهره وأسبابه، وأسهب في ذكر آثاره ونتائجه على الدول وكيانها والمجتمعات وأفرادها، حتى كأنه يعيش بيننا ويلحظ تلك الآثار التي تعاني منها مجتماتنا اليوم، مشيراً بين تلك الأسباب والآثار إلى طرف من ملامح المعالجة الشرعية والفنية التي يراها مناسبة، الأمر الذي يجعل ابن خلدون متربعاً على مقعد من مقاعد الدراسة والتمحيص للظواهر الاجتماعية والاقتصادية التي تمر بها الأمم على اختلاف أزمنتها وأمكنتها منذ عصره الغابر إلى يومنا الحاضر»

العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً