سؤال يتردد كثيراً: هل سينجح مجلس النواب القادم شعبيّاً؟ بمعنى هل سيكون له حضور شعبي، ومتابعة من الناس واهتمام من المجتمع البحريني؟ لا أحد يستطيع الإجابة على ذلك إلا بعد مشاهدة أداء المجلس، ومدى قدرته على الترافع عن هموم المجتمع البحريني.

هناك قاعدة أثبتتها الدراسات العلمية التي كانت تركز على مدى نجاح أية مؤسسة تشريعية في المجتمعات، والقاعدة هي: بمقدار ما يحقق البرلمان مكاسب اقتصادية للناس يصبح قريباً من قلوبهم.

مجلس النواب حقق جزءا من هذه المكاسب، ولكن للأسف الشديد بعض النواب اختطفوه نحو المزايدات، والاستعراض أمام الشاشات، بل أحياناً تتحول المساجلات المؤدلجة المتبادلة إلى بؤر تدفع باتجاه تصدير الانقسام الايديولوجي خارج الشارع، عبر إثارة خلافات تاريخية مؤدلجة لا تزيد المجتمع الا نفرة وانقساماً.

لو أن المجلس وظف لمتابعة قضايا الناس الملحة من أزمة إسكان وقروض ومعيشة وتشريع قوانين اقتصادية تصب لصالح الناس لكان أفضل بألف مرة من هذه العنتريات. إذ أصبح بعض النواب ومن أطياف مختلفة يستعرضون أمام ناخبيهم بأساليب لا تخدم الناخبين ولا غيرهم.

ماذا لو دفع المجلس باتجاه تقليص الضرائب من على المواطنين. ما الذي سيخسره النواب لو أنهم دفعوا باتجاه رفع رواتب المواطنين بشكل أكبر من الوضع الحالي؟ هل يعلم النواب عدد البحرينيات المسرحات من المصانع؟ هل يعلمون ما هو وضع العمال في مطبخ السلمانية أو العمال في وزارة الكهرباء؟ هل يعلمون عدد الأطباء الذين يناشدون تثبيتهم؟ هل يعلمون عن مستشفى الطب النفسي (هذا لغز يحتاج إلى حل)؟ هل يعلم النواب عن الوضع النفسي الذي يعيشه المرضى المصابون بمرض التوحد من الأطفال وما هو انعكاس ذلك على آبائهم وأمهاتهم وخصوصاً الأسر التي تضطر الى وضع أبنائها في مراكز خارج البحرين في الأردن أو الكويت؟ما أريد قوله لا نريد صراخاً وعويلاً في البرلمان على قضايا تافهة قائمة على البيضة والدجاجة، يوم عن العراق ويوم عن بنغلاديش. الناس تبحث عن المؤسسات التي تزيل همومها لا أن تزيدها هموماً. الفقير لا يستثيره كثيراً طار صاروخ إلى المريخ أو تم طبخ مجبوس بحجم (بناية) أو غير ذلك، المواطن الفقير يبحث عن الخبز ولو تساعد مجلس النواب والصحافة والنقابات والمسئلون في الوزارات على ذلك سنحل الكثير من مشكلات المواطنين.

أتمنى من بعض مسئولي البلدية التوقف عن شراء حاجياتهم من مراكز التسوق والذهاب ولو يوما واحدا إلى السوق المركزي ليروا بأم أعينهم حال المواطنين هناك وخصوصاً كبار السن. انه منظر تراجيدي مؤلم. بعض البائعين يغمى عليهم من شدة الحر. نتمنى من الحكومة أن تنظر إلى هذه السوق، فالمواطنون فيها يصبحون في الصيف مثل البطاطا المسلوقة من الحر وكثير من بضاعتهم تتلف بسبب ارتفاع الحرارة.

لو أن المجلس الحالي أوقف كل مشروعاته وعمل فقط على مشروعين اقتصاديين: رفع رواتب المواطنين وبناء وحدات سكنية لأكثر الطلبات لأصبح أكثر برلمان يحظى بالاحترام الشعبي.

نتمنى من النواب القادمين إلى البرلمان الجديد أن يركزوا على الإصلاح الاقتصادي أكثر من تركيزهم على القضايا السياسية الأخرى، لكي يشعر الناس أن برلمانهم يقدم إليهم خبزا وعشاء. ولعل قضية «البونس» أكبر شاهد على الحال التي وصل إليها المجتمع البحريني، وكيف انه يبحث عن برلمان يرفع من معيشته الاقتصادية