لنظرية الفوضى Chaos Theory بالغ الفائدة في فك ألغاز النجاح والفشل، فإن كان لنا أن نحس بالحيرة جراء فهم بعض ما يجري هنا وهناك في ساحتنا السياسية، فإنه من المريح جداً، أن نلقي بالمسببات والأسباب لأحضان هذه «النظرية»، وهكذا ببساطة، ينتهي الأمر!
كانت جمعية العمل الإسلامي (أمل) ومازالت، أكثر الجمعيات حدة في خطابها السياسي تجاه الحكومة، إلا أنها في المقابل لم تتكرم بأية مبادرات وطنية ملموسة، ثمة حال من اللاتوازن السياسي في مجمل الاستراتيجيا السياسية لـ «أمل»، وعلى «أمل» أن تدرك حساسية موقفها اليوم، إذ تحاول باقي جمعيات المعارضة حجز مقاعدها في الدورة البرلمانية المقبلة.
من جهة أخرى، لم تكن جمعية العمل الإسلامي متفقة مع نفسها منذ البدء، كان واضحاً للعيان أن هذا التكتل السياسي مريض من الداخل حد التخمة. كانت هذه المنظومة تعاني تجاذباً سياسياً من نوع آخر، كان واضحاً أن الجمعية تعيش في حال من القلق بين تيار «متشدد» له تاريخه، وبين «تيار» جديد يتصف بخطاب المصالحة والمسايسة أو القبول بالأمر الواقع.
الشيخ المحفوظ، أو «صمام الأمان» يحاول على الدوام أن يوازن بين شتى الآراء داخل جمعيته، وكانت أبرز حسنات المحفوظ أنه درأ جمعيته عن أن تصدّر يوماً ما مشكلاتها الداخلية إلى الخارج.
كانت جمعية العمل على شفا حفرة من الخروج من اللعبة السياسية عبر ترددها في التسجيل تحت قانون الجمعيات السياسية، وكانت وتيرة الندوة الأخيرة قبل انعقاد الجمعية العمومية التي صوتت على القبول بالانضواء تحت قانون الجمعيات الأكثر توتراً وتجاذباً بين شتى شخوص جمعية العمل الإسلامي، وكان لابد من أن تكون للشيخ المحفوظ في تلك اللحظات كلمته الفصل.
يتنبأ البعض بأن «أمل» ستتجه إلى الاستمرار في قرار المقاطعة للانتخابات المقبلة، والبعض يعود بهذا القرار إلى قناعة «أمل» بأن لا «أمل» لها في مزاحمة «الوفاق» على مقاعدها داخل المجلس النيابي، كما أن الوتيرة المتشددة هي الأعلى صوتاً وحضوراً داخل العمل مقارنة بالأصوات الأخرى.
الجمعية في واقعها السياسي اليوم برهنت على أنها لما تستطع الفكاك من ترسانة الأحلام التاريخية، وأنها في معترك مخاض سياسي لما تستطع تشكيل ما بعدياته حتى الآن، هذا ما أستشفه من كثير التفاعلات السياسية للعمل الإسلامي سواء داخل منظومة القوى السياسية المعارضة ممثلة بالتحالف الرباعي، أو داخل المنظومة السياسية البحرينية ككل.
من هنا كانت «نظرية الفوضى» هي التأويل الأكثر منطقية لبقاء العمل الإسلامي كجمعية سياسية طوال السنوات الأربع الماضية، والتي لم تكن العمل الإسلامي رقماً فيها، سواء بالسلب أو الإيجاب
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1342 - الثلثاء 09 مايو 2006م الموافق 10 ربيع الثاني 1427هـ