بحسب دراسة دولية، تصرف الأسرة البحرينية أكثر من ربع دخلها لتغطية كلفة المسكن وتوابعه. جاء ذلك في دراسة «الأوضاع المعيشية في مملكة البحرين، مطلع تحقيق الألفية الثالثة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي». وقد وردت تفاصيل الدراسة ضمن ورقة قدمها مستشار سياسات مكافحة الفقر في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أديب نعمة. وتم تقديم الورقة في سياق المؤتمر الوطني: السياسات الاجتماعية في مملكة البحرين: الرؤية والتطبيق'' والذي عقد نهاية أبريل/ نيسان بتنظيم مشترك بين وزارة التنمية الاجتماعية واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الأسكوا).
السكن أم المشكلات
كشفت الدراسة أن الأسرة البحرينية تصرف تحديداً (27,4 في المئة) من دخلها على المسكن وتوابعه مثل الكهرباء والماء. وتعد هذه الإحصائية كبيرة نسبيا بالمقاييس الدولية. بل إن هذه النسبة تعتبر المتوسط الوطني، إذ إن هناك أسرا تصرف 34 في المئة من دخلها على المسكن. أما الحد الأدني للصرف على المسكن وتوابعه فهو 24 في المئة في أسوأ الأحوال.
وجاء في الورقة أن البحرين تعاني من ظاهرة ارتفاع كلفة العقارات لسببين رئيسين: محدودية مساحة البلاد والسماح لغير المواطنين بالمتاجرة في الأراضي. وللوقوف على حقيقة الأمر لا مناص من توضيح الأمر بشكل أكثر تفصيلاً. تبلغ مساحة البحرين 718 كيلومتر مربع، لكن يعيش فوق ترابها نحو 707 آلاف نسمة. فعند تقسيم عدد السكان يتبين لنا أن الكثافة السكانية في حدود 985 فرداً للكيلومتر المربع الواحد. وتعتبر هذه النسبة واحدة من أعلى النسب في العالم بعد بعض المناطق مثل سنغافورة وهونغ كونغ. أما على مستوى دول مجلس التعاون فيلاحظ أن الكثافة السكانية تقف في حدود 73 فرد للكيلومتر المربع الواحد في دولة قطر، وهي ثاني اصغر دول خليجية بعد البحرين (فضلاً عن 13 فرداً للكيلومتر المربع الواحد في المملكة العربية السعودية والتي بدورها أكبر دول خليجية). هذه الأرقام تعود للعام 2004 وربما عبرنا حاجز الألف شخص للكيلومتر المربع الواحد في الوقت الحاضر.
حرية بيع وشراء العقارات لغير المواطنين
المعروف أن البحرين تمنح مواطني دول مجلس التعاون الخليجي الحرية الكاملة فيما يخص المتاجرة بالأراضي. فمن حق رعايا دول المجلس شراء العقارات وبيعها متى ما أرادوا شأنهم في ذلك شأن المواطنين البحرينيين. وبحسب ذوي الخبرة فإن بعض رعايا دول مجلس التعاون يتاجرون في الأراضي بشكل دائم. يبقى أن البحرين غير ملزمة في الوقت الحاضر بمنح مواطني دول المجلس حرية شراء وبيع العقارات، إذ أن ذلك مرتبط ببرنامج السوق المشتركة. ويرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحرية في التنقل بين الدول الأعضاء. حسب الخطة المرسومة، المطلوب إقامة سوق خليجية مشتركة مع نهاية العام 2007.
بمعنى آخر فإن الدول الأعضاء غير ملزمة بالسماح لوسائل الإنتاج بدون شروط في الوقت الحاضر. لكن يلاحظ في هذا الصدد أن بعض دول المجلس تقوم بتنفيذ تفاصيل هذا المشروع الطموح قبل غيرها، أي قبل التاريخ المحدد. ويبدو جليا أن البحرين تطبق جوانب من مفهوم السوق المشتركة وذلك في إطار سياسة تعزيز قدرتها التنافسية بين اقتصاديات دول المنطقة. من جهة أخرى، بمقدور البحرينيين شراء الأراضي في سلطنة عمان لكن لا يسمح لهم بحرية بيعها قبل مضي أربع سنوات على تاريخ الشراء. ولا يمكن توجيه اللوم للحكومة العمانية لأنها غير ملزمة بتطبيق برنامج السوق الخليجية المشتركة قبل الموعد المحدد.
والأدهي من ذلك، يلاحظ أن السلطات تسمح للأجانب بتملك العقارات في أنحاء مختارة من المملكة. حديثا صدر أمر بالسماح للأجانب بالتملك في مشروع (الرفاع فيوز) والذي يهدف إلى إنشاء 900 فيلا راقية في منطقة الرفاع ضمن مشروع بنك (أركبيتا) البحريني. وتبلغ كلفة المشروع 900 مليون دولار (340 مليون دينار).
المعروف أن البحرين تعاني من أزمة خانقة فيما يخص الحصول على الخدمات المقدمة من وزارة الأشغال والإسكان بدليل تكدس الطلبات. المشهور أن هناك أكثر من 40 ألف طلب للحصول على مختلف الخدمات والتسهيلات التي توفرها الوزارة. وبات في حكم المؤكد أن المطلوب من القطاع الخاص تقديم يد العون للتخلص من ظاهرة مشكلة السكن في البحرين نظرا لفشل الحكومة في حل الأزمة. بل أن وزارة الأشغال والإسكان هي المسئول الأول عن أزمة تكدس الطلبات بسبب فقدانها للفعالية في أداء مهماتها.
حلم الحصول على قطعة أرض
تشير كل المؤشرات إلى احتدام أزمة السكن عندنا في ضوء الارتفاع الجنوني لأسعار الأراضي في البلاد. وحسب الأمين العام لجمعية العمل الوطني (وعد) إبراهيم شريف فقد ارتفعت قيمة الأراضي ثلاث مرات في غضون 20 سنة. ويبدو أن امتلاك (بيت الأحلام) أصبح بالفعل حلما في البحرين. فقد لاحظ شريف أنه على افتراض أن دخل العائلة 800 دينار شهريا، وعلى افتراض أنها وفرت ربع دخلها (200 دينار شهريا) فإن هذه الأسرة تحتاج إلى 20 سنة لدفع قيمة أرض مساحتها 5 آلاف قدم مربع وتباع بسعر 10 دنانير للقدم المربع الواحد. كما تحتاج العائلة نفسها إلى 20 سنة أخرى لتوفير سعر بناء المنزل بالأسعار السائدة في السوق في الوقت الحاضر. نواصل حديثنا غداً (الخميس) لإلقاء المزيد من الأضواء بشأن مسألة مصروفات الأسرة البحرينية
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1342 - الثلثاء 09 مايو 2006م الموافق 10 ربيع الثاني 1427هـ