العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ

العمل والتجارة

علياء علي alya.ali [at] alwasatnews.com

ان تقوم منظمة العمل الدولية باجراء تقييم شامل لواقع الجهود التي تبذلها كل دولة عضو لترجمة التحسينات الاقتصادية الناتجة عن تحرير المبادلات الى واقع اجتماعي افضل، فهو أمر جيد ومطلوب. ولكن أن تقوم المنظمة باصدار علامة اجتماعية عالمية تمنح للبلدان التي تلتزم بمجموعة من المبادئ والحقوق الاساسية والتي تقبل اخضاع ممارساتها لعمليات تفتيش دولية بحيث يكون من حق كل دولة من الدول منح المنتجات المصنوعة على ارضها حق الانتفاع من العلامة الاجتماعية العالمية المقترحة، فهذه محاولة لاقحام متطلبات عمالية مجحفة كشرط من شروط التجارة العالمية.

وواضح من هذه المقترحات انها تهدف ومن الناحية العملية الى سحب بساط المنافسة - بل وحتى التصدير - في الأسواق العالمية من تحت سلع الدول النامية التي لن تتمكن من الحصول على العلامة الممنوحة لها من قبل منظمة العمل الدولية. وهذا يفضح جانباً أساسياً من الاهداف الحقيقية لهذه المقترحات، وخصوصاً ان منتجات الدول النامية التي تعتمد على تكثيف عنصر العمل اصبح لها قدرة تنافسية مع منتجات الدول المتقدمة في الاسواق العالمية، كما يحدث بالنسبة إلى الصين والكثير من الدول الآسيوية والإفريقية.

ولمواجهة هذا الوضع اتجهت الدول المتقدمة لاستخدام منظمة العمل الدولية كستار تحقق من ورائه امكان سلب الميزة النسبية التي تتمتع بها الدول النامية من خلال انخفاض كلفة عنصر العمل فيها وحرمانها من حقها في الربط بين مستويات الحماية الاجتماعية من ناحية ومستويات التنمية السائدة فيها من ناحية اخرى ومن ثم الحد من القدرة التنافسية لمنتجات الدول النامية في الاسواق العالمية. ومن هنا جاءت محاولات الدول المتقدمة للربط بين معايير العمل الدولية وحرية التجارة العالمية لايجاد حماية جديدة لمنتجاتها تعوض به ما فقدته نتيجة جولة اورجواي.

ومن ناحية ثانية وعلى رغم تأكيدنا على اهمية مبدأ احترام حقوق الانسان في جميع دول العالم، الا ان استخدام الدول المتقدمة منظمة العمل الدولية لتحقيق مصالحها على حساب الدول النامية يكشف زيف ادعاءات الدول المتقدمة للدفاع عن الحقوق الاساسية للانسان لان الدفاع هنا جاء من أجل التعويض عن ذلك الوضع الناتج عن التفاوت ولسلب المميزات التي تمتعت بها الدول النامية.

ومن ناحية ثالثة فان الأخذ بمقترحات منظمة العمل الدولية سيؤدي من الناحية الواقعية الى زيادة حدة مشكلة البطالة في الدول النامية نتيجة ركود وعدم تسويق منتجاتها.

ان الدول المتقدمة تريد الحد من تدفق رؤوس الاموال للاستثمار في الدول النامية لانخفاض كلفة عنصر العمل فيها، ومن هنا اتجهت هذه الدول الى استخدام منظمة العمل الدولية لتحقيق هذا الهدف من خلال الربط بين معايير العمل الدولية واتفاقات التجارة الدولية حتى يتجه رأس المال اتجاها عكسيا للاستثمار في الدول المتقدمة بعد ان تفقد الدول النامية الميزة النسبية التي تتمتع بها وهي انخفاض كلفة عنصر العمل فيها

إقرأ أيضا لـ "علياء علي"

العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً