العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ

أولمرت... وبوش

وليد نويهض walid.noueihed [at] alwasatnews.com

كاتب ومفكر عربي لبناني

يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت للقيام بزيارة إلى واشنطن في 21 مايو/ أيار الجاري ولقاء الرئيس الأميركي للبحث في ملف «الشرق الأوسط الكبير» ودور تل أبيب وموقعها في سياق تحولات متوقع حصولها في الأمدين القريب والبعيد.

أميركا تراهن كثيراً على «إسرائيل» وكررت مراراً أنها رهنت مستقبلها ومصالحها بأمن الدولة العبرية. وتل أبيب أيضاً تراهن كثيراً على الولايات المتحدة وترى أن وجودها وأمنها ومصالحها وموقعها مرتبط إلى حد كبير بذاك الدور العسكري الذي تلعبه واشنطن نيابة عنها.

«إسرائيل» تعتبر أنه لولا أميركا ومساعداتها المالية والاقتصادية والعسكرية لكانت أصبحت في موقف غير مضمون. فالولايات المتحدة منذ تسعينات القرن الماضي أصبحت اللاعب الأول بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وتفكك معسكره الاشتراكي. ومنذ تلك الفترة انتقلت واشنطن من سياسة الاتكال على تل أبيب في تقويض استقرار المنطقة إلى سياسة الدخول مباشرة على خط التقويض من خلال نشر جيوشها في قواعد عسكرية ممتدة من باكستان إلى تركيا والعراق.

«إسرائيل» أدركت منذ إعلان وقف إطلاق النار في حرب الخليج الأولى (العراق وإيران) أنها لم تعد الدولة الأولى عسكرياً في منطقة «الشرق الأوسط». فتلك الحرب الحدودية التي وقعت بين دولتين جارتين وامتدت إلى ثماني سنوات أنتجت بطريقة غير مباشرة قوتين عسكريتين تملكان من الخبرات ما يكفي لهزيمتها.

هذا المتغير الجيوبوليتكي (الجغرافي السياسي) فرض على واشنطن إعادة النظر في استراتيجيتها التي كانت تعتمد على الوكالة الإسرائيلية. ومنذ التسعينات بدأت أميركا تخطط للنزول مباشرة إلى ميدان «الشرق الأوسط» وأخذ المهمات على عاتقها نيابة عن «إسرائيل».

اختلاف قواعد اللعبة الدولية - الإقليمية في «الشرق الأوسط» بعد توقف الحرب العراقية - الإيرانية أسهم في تعديل موازين القوى العسكرية لمصلحة العرب والدول الإسلامية للمرة الأولى منذ تأسيس الكيان العبري في نهاية أربعينات القرن الماضي. وبسبب تغير المعادلة تغيرت قواعد اللعبة وباتت الولايات المتحدة هي رأس الحربة في المنطقة بعد أن كانت «إسرائيل» خلال الخمسينات والستينات والسبعينات والثمانينات تلعب دور ذاك الرأس.

لم تعد الدولة العبرية قادرة على لعب دورها الموكول لها بعد أن تحول العراق إلى قوة عسكرية تستطيع أن تعدل التوازن لمصلحة العرب. كذلك أصبحت إيران تشكل الرديف العسكري الاستراتيجي لمصلحة الدول العربية في حال وقعت المواجهة.

هذا الاحتمال وضعته واشنطن في حساباتها المستقبلية واشتغلت على منع حصوله من خلال افتعال أزمات تستفيد منها وتستغلها لتبرير نشر قواتها العسكرية علناً في المنطقة وتحت شعارات كاذبة (إصلاح، ديمقراطية، حقوق الإنسان، وتمكين المرأة وغيرها). وحصل لها ما تريده وخططت له بعد أزمة الكويت.

منذ تلك الفترة تغيرت المعادلة من جديد ونجحت أميركا في تعديل التعديل لمصلحة أمن «إسرائيل» ومصالحها النفطية. وهذا ما ترجمته عملياً باحتلال العراق وتقويض دولته وتفكيك جيشه وإخراج بلاد الرافدين من معادلة الصراع.

بقيت إيران في المعادلة. وهذا ما تخطط له واشنطن الآن لإخراجها أيضاً من دائرة الصراع وضمان أمن «إسرائيل» وإعادة تأهيل دورها العسكري كقوة أساسية ومسيطرة على توازنات المنطقة لمصلحة الولايات المتحدة.

أميركا الآن تلعب دور «إسرائيل» السابق مباشرة لأنها تدرك أن حليفها غير قادر على القيام بمثل هذه المهمة الكبيرة. فإيران أكبر وأقوى من إمكانات الدولة العبرية، ولذلك تخطط واشنطن منذ لحظة احتلالها العراق إلى توجيه ضربة تعطل إمكانات طهران على لعب دور إقليمي وتحديداً في إطار الصراع العربي - الإسرائيلي.

أولمرت يتوجه قريباً إلى واشنطن لمناقشة مستقبل «إسرائيل» ودورها في المنطقة بعد الانتهاء من تلك المهمة الكبيرة. والمهمة الكبيرة خطيرة فهي قد لا تسير وفق التصورات التي وضعتها الولايات المتحدة على «خريطة الطريق». فالطرق في «الشرق الأوسط» معقدة ويصعب السيطرة عليها براً وجواً نظراً إلى تاريخ المنطقة الشائك في تعدد شبكاته الأهلية وتنوع مراكز قواه وإمكاناته الخاصة في توليد مقاومات غير منظورة في الأمدين القريب والبعيد

إقرأ أيضا لـ "وليد نويهض"

العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً