العدد 1340 - الأحد 07 مايو 2006م الموافق 08 ربيع الثاني 1427هـ

سياسة الإعلام... «مصالحة» أم «مناطحة»؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

أعلنت وزارة الإعلام عن تدشين سياسةٍ جديدةٍ قبل أكثر من شهر، رافقتها حملة إعلانات في الصحف المحلية، (لا ندري كم كلفت موازنة الوزارة) ومؤتمرات صحافية لـ «تنوير» الجمهور. القضية من البداية كانت غير مقنعة، فلا يمكنك بناء قصرٍ جديدٍ بعملية «تدوير» للطوب والأحجار القديمة.

مع ذلك، كان لابد من فترة اختبار لـ «سياسة المصالحة مع المشاهدين»، لتأخذ فرصتها وتتضح ملامحها، فإذا اكتشف الناس أنها ابنةٌ شرعيةٌ للإصلاح فسيدعمها الجميع، وإما إذا تصرّفت على طريقة الأحمق، الذي يريد أن ينفعك فيضرك، فتلك مصيبة أخرى!

ومن سوء حظّنا وحظ سياسة «المصالحة» الإعلامية، انه لم يمض أكثر من شهر حتى بدأت تتخبط بما ينم عن وجود خللٍ كبير. برنامجٌ إذاعيٌ يبث على الهواء مباشرة، يعتمد استثارة واستفزاز المشاعر، في تقديمٍ بوليسي، ومنطقٍ سيئ جداً وغريب. البرنامج «الذكي» يحاول الترافع عن قضيةٍ محسومةٍ شعبياً، فليس هناك اليوم شخصيةٌ دينيةٌ أو جمعيةٌ سياسيةٌ أو كاتبٌ صحافيٌ أيّد أو دعم ما يجري في بعض المناطق من عمليات حرق وتخريب، لذلك يتحول البرنامج إلى حفلة زيران! فما الداعي إلى هذه اللغة السوقية البعيدة عن الروح الوطنية؟ ولمصلحة من يتم إنتاج مثل هذا البرنامج؟

ولنسأل: هل البحرين بحاجةٍ إلى لغة عقلٍ وحوارٍ لتتجاوز مشكلاتها، أم لغة إقصاءٍ وتنابز، وإمعانٍ في الاستفزاز؟ وهل من اللائق بنا كبحرينيين أن ننزل إلى هذا المستوى من الكلام؟ هل من اللائق بنا أن يسمع العالم في إذاعة البحرين شخصاً يدعو إلى عودة قانون أمن الدولة «لكي يتأدبوا»؟ هل هذا الطرح يرضي صاحب مشروع الإصلاح أم انه أكبر إساءة لمشروعه؟ وهل من المقبول أن يذاع على الهواء كلامٌ من قبيل: «اللي مو عاجبه خله يروح إلى البلد اللي جاي منه»؟ وماذا لو أثبتت فحوصات الـ )AND( أن أسلاف هذا المتهم المطعون في وطنيته وأصله وانتمائه، المدعو للهجرة والرحيل، عاشوا على هذه الأرض منذ خمسة آلاف سنة ولم يأتِ جدّه الرابع من هذا البر أو ذاك؟ هل يريدون أن ينزل بنا الحوار إلى هذا المستوى من التجاذبات؟ هل هذا يعزّز الأمن والاستقرار ويشيع روح المحبة والطمأنينة ويرسّخ قيم المواطنة والمساواة؟

إن هذا البرنامج الإذاعي البوليسي التعيس، لا يقل سوءاً ولا تخريباً للنفوس ولا تهديداً للأمن من عمليات الحرق والتخريب. تصوّروا أن يتصل شخصٌ متذمرٌ لا تعرفه من الصباح الباكر معلقاً على مقال أمس قائلاً: «حسناً فعلت إذ كشفت بذاءة هذا البرنامج، صدّقني من شدة غضبي لما سمعته من إهانات وإساءات واحتقار متعمد، فكّرت في القيام بعمل انتقامي». لا تستغربوا، فهو أمرٌ طبيعيٌ تماماً، لأن لكل فعلٍ ردّة فعل، وكل خطأ «رسمي» يتلوه خطأ «شارعي»، وكل حماقةٍ تلد حماقةً أخرى في الاتجاه المضاد.

إلعنوا ما شئتم أولئك الشباب الحانقين الملثمين على أخطائهم، ولكن اعلموا جيداً ان النهج الإعلامي المتخلف و«غير الوطني»، لا يولّد إلا مزيداً من الاحتقان والعنف والرغبة في الانتقام. شاهدوا عملية تدوير «الطوب القديم» في العراق... أم اننا لم نعتبر بعد؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1340 - الأحد 07 مايو 2006م الموافق 08 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً