يوم الأربعاء الماضي كان هو اليوم الأسود في المبنى العام لإدارة المرور والترخيص... التاريخ كان 3 مايو/ أيار الجاري وهذا التاريخ وهذا اليوم سوف لن ينسى، وستظل ذكراه عالقة في أذهان الأعداد الكبيرة من الموظفين العاملين في هذه الإدارة الحيوية في وزارة الداخلية... التعطل التام للأقسام الرئيسية بدأ في الصباح الباكر (عند بداية الدوام) واستمر حتى الساعة الواحدة ظهراً... يعني لغاية نهاية الدوام.
اليوم هو أول يوم دوام للمدير العام الجديد للإدارة العامة للمرور والترخيص ، وهو ابن عم عزيز وأخلاقه العالية التي دائماً ما يشيد بها البعيد قبل القريب، هي التي تميزه بين الناس... وأنا لا أريد استقباله في أول يوم له بهذه الأخبار التي لا تسر، ولكن ماذا أعمل؟ أو في الواقع ماذا هو يستطيع أن يعمل والخطأ أصلاً ليس بسبب ارتكبته إدارته، أو أي فرد فيها؟ وإنما هو خطأ السيستم.
الذي حصل في يوم الأربعاء الأسود والذي مر على إدارة المرور والترخيص هو التعطل الكبير في جهاز المعلومات المركزية الموجود في منطقة الجفير، وهو تابع للجهاز المركزي للمعلومات... هذا التعطل أربك جميع المعاملات وفي جميع الأقسام الرئيسية في المرور، وجعل العدد الكبير من الموظفين جالسين (وطوال اليوم) من دون أي عمل، والمراجعين المساكين متكدسين بالمئات حول جميع كونترات المراجعة.
يوم كان أشبه بالمأساة في المبنى الكبير... إللي حاط رجل على رجل ، وإللي يفرفر المسباح ويهلل ويكبر، وإللي حاط يده على خده ويتأفف، وإللي يولع سيجارة بسيجارة أخرى، وإللي يتحلطم ويفضفض عن نفسه، وإللي كاظم غيظه، ولكن تشوف عيونه حمر (متنافصين)، وإللي مستخف دمه ويوزع نكات بايخة على الموجودين، وإللي... وإللي... عالم كانت موجودة بلا عمل وخبصة ما يخبصها خباص...
المشكلة أن جميع المعلومات لكل مواطن بحريني أو حتى المقيم في البحرين، هذه المعلومات موجودة تحت رقم معين (وهو الرقم السكاني) ومخزنة في ملفات خاصة وموضوعة في جهاز مركزي كبير يشرف عليه الجهاز المركزي للمعلومات... وهذه المعلومات متوافرة لجميع أجهزة الدولة ووزاراتها، ويمكن لأية وزارة الدخول إلى هذه المعلومة عبر ربط معين ومسبق قامت به الوزارة من قبل، كما ويمكن أن تضيف كل وزارة (وبحسب ما يخصها) أية معلومة جديدة إلى المعلومات السابقة والتي هي موجودة، كما ويمكن حذف أية معلومات انتفى الحاجة إلى وجودها في سجل الشخص المعني...
هذا شيء طيب، وطالما هو موجود عندنا في البحرين فهذا يعني أننا دولة متقدمة... ولكن غير الجيد هو أننا فقط نعتمد على جهاز مركزي واحد وليست لدينا البدائل عندما يتعطل هذا الجهاز، والذي يثبت هذا الكلام هو الإرباك الكبير الذي حصل في الإدارة العامة للمرور والترخيص التابعة لوزارة الداخلية، وفي السجل التجاري التابع لوزارة التجارة، وفي وزارة التربية والتعليم، وفي الكثير من الإدارات التابعة لوزارات الدولة في يوم الأربعاء خصوصاً وفي باقي الأيام التي يتعطل فيها الجهاز.
ولو عدنا إلى وزارة الداخلية خصوصاً... لأنها هي الوزارة التي تعنى بالأمن والأمان في البلد، وهي الوزارة التي تتحكم في المنافذ الواقعة على الحدود البحرينية، وهي الوزارة التي تتحكم في الطرق المؤدية لجميع الوزارات والشركات الموجودة في البلد... وهذه الوزارة دائما ما تعتمد حركتها على السرعة في الإجراءات وإنهاء المعاملات وإلا فإن مصالح الناس (عموماً) ستتعطل، وهي تحتاج لسرعة المعلومات الشخصية حتى تنجز عملها باحسن صورة وبأسرع وقت ممكن، وهذه المعلومات تحصل عليها من الأجهزة المعلوماتية التي لديها والتي توضح السجلات المرورية والأمنية لكل مواطن أو مقيم، وهذه الأجهزة مربوطة بالجهاز المركزي... فإذا تعطل الجهاز المركزي للمعلومات ماذا يمكن أن تفعل هذه الوزارة في مواجهة الكم الهائل من الأعمال اليومية المنوطة بها؟
أجهزة الهجرة والجوازات على المنافذ البحرية وعلى جسر الملك فهد كيف يمكنها أن تتصرف عندما يريد أي شخص الخروج من البلد وأجهزة المعلومات (التي تبين إن كانت عليه مخالفات أو مطالبات) معطلة؟ دوريات المرور في الشوارع وعندما توقف أي سائق عمل مخالفة بسيطة كيف تتمكن من معرفة إذا كان هذا الشخص مطلوباً في قضايا أخرى وجهاز المعلومات لديهم معطل تماماً؟ يرجى الإجابة على أسئلتنا
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1339 - السبت 06 مايو 2006م الموافق 07 ربيع الثاني 1427هـ