يبدو أن مجلس النواب في فصله التشريعي الأول حمل على عاتقه رفع شعار «لا لتعديل الدوائر الانتخابية»، وعلى رغم المطالبات الشعبية الواسعة في الشارع البحريني وبين بعض الأوساط النيابية الفاعلة داخل المؤسسة التشريعية، فإن جميع هذه الدعوات لم تلق صدى طيبا أو تجاوبا إيجابيا داخل مجلس النواب، فالماسكون بزمام القوى داخل المجلس النيابي أحبطوا جميع المحاولات التي بذلت في سبيل تعديل الدوائر الانتخابية كما أحبطوا في وقت سابق مساعي التعديل الدستوري الذي وقع عليه ثلة من النواب، وكما سبق لهم أن أفشلوا مساعي التحقيق في المخالفات التي تعج بها وزارة الصحة.
لم يكن أمراً جديداً أو مستغرباً أن تصدر لجنة الشئون التشريعية والقانونية بالمجلس توصيتها برفض اقتراحين برغبة أحدهما يسعى لإعادة توزيع الدوائر الانتخابية فيما يقضي الاقتراح الثاني بجعل البحرين دائرة انتخابية واحدة، وهو أمر بلا شك عائد إلى التوازنات داخل اللجنة، فطيف واسع من أعضائها (اللجنة التشريعية) يرون في خريطة الدوائر الانتخابية الحالية إنصافاً للمواطنين ولجميع القوى السياسية وفوق هذا وذاك يكفل هذا التوزيع الانتشار المناطقي لهذه القوى في الدوائر على حساب الآخرين، فيما يوجهون سهام الطائفية وزرع الفتن لمن يفكر في طرح تعديل الدوائر الانتخابية، ومن هنا جاء رفض تشريعية النواب لاقتراحين لتعديل الدوائر الانتخابية.
وفي الوقت الذي ينادي فيه مقدمو اقتراحي تعديل الدوائر الانتخابية بأنهم يسعون إلى تحقيق العدالة في توزيع الدوائر، يأتي الجهاز المركزي للمعلومات ليؤكد وجود توازن بين السكان في الدوائر المختلفة من المملكة وفق معيار المساواة النسبية التقريبية، وهو ما يتنافى مع ما هو موجود على أرض الواقع من تساوي عدد سكان الدائرة الأولى في المحافظة الشمالية مع عدد سكان المحافظة الجنوبية.
ووسط الشد والجذب الحاصل بشأن تعديل الدوائر الانتخابية، يبقى أمام تركيبة مجلس النواب المقبلة مهمة لن تكون سهلة في الحصول على توافق بين مختلف الأطياف لإعادة توزيع الدوائر الانتخابية
العدد 1339 - السبت 06 مايو 2006م الموافق 07 ربيع الثاني 1427هـ