العدد 1339 - السبت 06 مايو 2006م الموافق 07 ربيع الثاني 1427هـ

فيك الخصام... وأنت الخصم والحكم

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

من الواضح أن مفهوم الشراكة لدى كل من المجلس الأعلى للمرأة والقطاع النسائي الأهلي المتمثل في الجمعيات النسائية واحد، إلا أن أساليب تطبيق هذا المفهوم لدى كل من الطرفين ربما تكون مختلفة، اختلافاً أضر بالمفهوم، وحرمه من أن يتخذ له طريقاً موحداً ومتعاوناً للتطبيق.

«الشراكة» هي المشاركة في وضع الأهداف والاستراتيجيات، والمشاركة في تنفيذها أيضاً، والمشاركة في جعل الحلم ممكناً، والمخططات حقيقة.

القطاع الأهلي يرى أنه شريك حقيقي في العمل النسائي في البحرين، شريك متعادل، يؤخذ برأيه، ويستشار في كل أمر.

ويرى أيضاً أنه ليس منفذاً لسياسات وخطط يضعها الجانب الرسمي، أي أنه ليس سلطة تنفيذية تابعة للمجلس الأعلى للمرأة، تدعى إلى المشاركة في الفعاليات التي يقررها ويخطط لها المجلس، ويجب أن يقوم بتنفيذ كل ما يضعه من سياسات «جاهزة»، إذ يؤمن بأن من حقه أن يضع توجهاته الخاصة بنفسه.

المجلس الأعلى للمرأة - من جانبه - يرى أنه لم يتجاوز هذه الاشتراطات، لأنه أشرك القطاع الأهلي في وضع الاستراتيجية الوطنية للنهوض بالمرأة البحرينية، بشكل «كفى ووفى» في تطبيق مفهوم المشاركة، بحيث لم يبق إلا تطبيق هذه الاستراتيجية في برامج عمل تنفيذية.

أين المشكلة إذاً بين الجانبين، القطاع الأهلي يشعر بغبن وظلم واستخفاف بجهوده التي قام بها على مدى سنين وبدا له أن المجلس الأعلى للمرأة يريد أن «يحتكرها»، فيما يشعر المجلس بأنه «وزارة المرأة» التي أنشئت لخدمة القطاع النسائي وضم أطرافه المتباعدة، ويرى أيضاً أن على الجميع التعاون معه لتنفيذ السياسات والخطط الكفيلة بالنهوض بالمرأة البحرينية؟

مهما ذكر الطرفان من إيمان بمبادئ الشراكة، وسعي إلى العمل من أجل تطبيقها، فلا يمكن بأي حال إنكار أن هناك مشكلة، ومشكلة كبيرة أيضاً، جعلت «الشراكة» مفهوماً مذبوحاً، أو يكاد، بين الطرفين. الشراكة هي التعاون، وطالما هناك تعاون، فإن هناك حواراً، وأخذ ورداً، وقبولاً ورفضاً، وطالما هناك شراكة، فلا يوجد رئيس أو مرؤوس، أو قيادة وتابعون.

هذا ما نفهمه ببساطة، فالشراكة تعني أن لا قيادة لطرف على آخر، فالكل شريك حقيقي، ولكن كيف يمكن بأي حال أن يتم تطبيق الشراكة بمفهومها المثالي هذا وأحد أطرافها هو المجلس الأعلى للمرأة، بكل ما يملكه من سلطة رسمية، وأمر نافذ وقوي، وموازنة معتمدة؟ كيف يمكن بأي حال مقارنة هذا الكيان المتماسك القوي، بمجموعة من الجمعيات النسائية التي لم تتمكن حتى الآن من إشهار اتحادها النسائي؟

طبعاً المعادلة غير متوازنة، فالمجلس الأعلى للمرأة بطبيعة الحال هو الأقوى والأكثر نفوذاً وتنظيماً من مجموعة من الأعمال التطوعية المتفرقة.

والصراع على الدوام قائم بين الجانب الرسمي والجانب الأهلي في كل أنحاء العالم، وفي مختلف الميادين، الجانب الرسمي بنفوذه وسلطته يحاول أن يضم جميع القوى والأنشطة «تحت جناحه»، والجانب الأهلي يحاول فك هذه السيطرة وإنشاء كيانه، أو كياناته الخاصة.

الشراكة ليست من السهولة بمكان إذاً في ظل كل هذه العوامل، ولعل الحل «السحري» لها كما يقول الطرفان معاً (الرسمي والأهلي)، هو: «الحوار والتعاون وتبادل وجهات النظر»، وهو لعمري حل منطقي، لكن مازال تطبيقه يعاني من خلل كبير، أفرزته خلافات عدة ومستمرة، تشعر معها بأنك أمام كيانين متنافسين.

من مصلحة الجمعيات النسائية أن تتحد مع «المجلس» وتكسبه لصفها، فوجوده مهم جداً للجميع، ومن مصلحة المجلس الأعلى للمرأة أن يتعاون مع هذه الجمعيات ويشركها في قراراته ومهماته، وإلا فسيبقى اتهامه أمراً واقعاً، بوصفه اتخذ برجاً عاجياً رفض التنازل عنه، وأنه «مجلس النخبة» الذي لا يصل إليه الجميع، حتى لو اتفق معهم في الهدف.

في النهاية، الكرة في ملعب المجلس الأعلى للمرأة، فلا يمكن أن نتناسى أنه الكيان الأقوى، ولا قدرة لغيره من القوى النسائية مهما كبر حجمها على تغيير الواقع، لا قدرة لها إلا على الحوار معه على طريقة المتنبي «فيك الخصام وأنت الخصم والحكم»

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1339 - السبت 06 مايو 2006م الموافق 07 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً