العدد 1339 - السبت 06 مايو 2006م الموافق 07 ربيع الثاني 1427هـ

لا تحبون الناصحين

معاذ المشاري muath.almishari [at] alwasatnews.com

أثناء حوادث التسعينات في البحرين، تحدثنا طويلاً عن أن الطريق الأنسب لتجاوز تلك المرحلة لا يكمن في مواجهة العنف بالعنف، وتشويه مطالب العدل والحرية بتهميش ثلة من الشعب، والافتراء على الحقيقة التي أفرزت وعوداً قليلة لنيل الديمقراطية، وكثيراً من الحرمان والمعاناة. فتحليل الواقع بمنطق محايد، ودراسة سيكولوجية المجتمع قد يعين على ايجاد حلول طويلة الأمد، اختصاراً لمراحل إعاقة الدولة سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وتشجيعاً لأي مواطن للالتحاق بركب الدولة ان فقد الثقة في جدية المؤسسات وسيادة القانون.

لقد نص قانون العقوبات على تطبيق أحكامه على جميع الجرائم التي تقع في البحرين، ولم نجد في نصوصه استثناء جريمة بعينها أو تطبيق عقوبتها فقط على فئة معينة في هذا المجتمع، فان كان القانون يدين اللجوء إلى العنف لتحقيق غايات معينة، فانه يدين كذلك أية ممارسات خاطئة قد تؤدي إلى الإضرار بالمصلحة العامة، كالمساس بالمال العام وتدمير الثروات الطبيعية للدولة وإحداث خلل فادح في طبيعة التنوع الديموغرافي، من دون إجابات شافية عن الأسباب التي أدت إلى ما نشاهده من عبث وتخبط.

لا أريد أن أكرر إدانة عمليات التكسير والتخريب كي لا تتحول الإدانة إلى «دندنة»، فغالبية البيانات الصادرة عن الجمعيات والحركات السياسية وغيرهم لن تؤتي ثمارها ولن تؤدي الدور المطلوب منها، تماماً كما كان الفشل في العقد الماضي عندما ساهمت وسائل الإعلام في تشويه الكثير من الحقائق، بل واستفزاز المواطنين لجر البلاد وأهلها إلى المزيد من الصدام والمواجهات المفتعلة. فالتاريخ يعيد نفسه، وشغف الحقد يبدو جلياً لرصد «عطاس نملة» في قرية نائية، في حين تنتشر ذئاب المدينة لقمع الجميع وسط تصفيق ومباركة أهل الذمم ورواد النظريات القاتمة.

إما أن نتسم بالوضوح والشفافية ونقبل بتبعات الديمقراطية، أو نحاكي الواقع بكل جرأة وواقعية للتخلي عن جميع ما تمخض عنه الإجماع الشعبي ومباركته لمشروع ميثاق العمل الوطني، فأنصاف الحلول لن تقدم إلا التأخر، ولن تؤخر غير التقدم، وهو تصور يحاكي هذه المرحلة الحرجة في تاريخ البحرين، ويلامس بثبات نظري نتيجة تقديم السياسة على الاقتصاد، والاعتماد على تجارب مستوردة تم تغذيتها بأرقام محلية قدمت الإجابات على الأسئلة.

على الشباب الالتزام بنصائح المرجعيات الدينية، فهم أدرى وأعلم، وعلى السلطة دراسة الوضع بعقلية أكاديمية لا عسكرية، وان كانت سيادة القانون فوق الجميع، فلتكن كذلك، والمواطن البسيط يستطيع ملاحظة ذلك من دون دعايات أو فقاعات إعلامية إذا ابتعدنا عن الكيل بمكيالين... ولكنكم لا تحبون الناصحين. ولن يكون جلد المجتمع واحتراف التحريض بمثابة سلوك حضاري يخدم توجهات الدولة، بقدر ما يشجع على رعاية الضغائن، وابتعاد المسافة بين الفرد والقيادة

إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"

العدد 1339 - السبت 06 مايو 2006م الموافق 07 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً