عطفا على مقال يوم أمس، نواصل في هذه الحلقة قراءاتنا لتقرير الاستثمار العالمي للعام 2005 والمنبثق من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد). يذكر أن مجلس التنمية الاقتصادية نظم ورشة إقليمية في الأسبوع الماضي بخصوص تحليل أرقام الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
بحسب تقرير »الأونكتاد« بلغ حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة (الداخلة) في العالم 648 مليار دولار في العام 2004 ما يعني تسجيل نسبة نمو قدرها 2 في المئة. كما لوحظ أن كلاً من أميركا وبريطانيا والصين حلت في المراتب الأولى بين الدول المستقبلة للاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة. فقد نجحت هذه الدول في استقطاب 96 مليار دولار و78 مليار دولار و61 مليار دولار على التوالي.
الاقتصادات المتقدمة
بصورة إجمالية تم توزيع الرقم الكلي وقدره 648 مليار دولار على النحو الآتي: أولا: (380 مليار دولار) للاقتصادات المتقدمة مثل أميركا والاتحاد الأوروبي واليابان، ثانيا: (233 مليار دولار) للاقتصادات النامية مثل الصين وكوريا الجنوبية وثالثا: (35 مليار دولار) من نصيب اقتصادات جنوب شرقي أوروبا ودول الكومنولث المستقلة من الاتحاد السوفياتي سابقا.
صحيح أن الاقتصادات المتقدمة استقطبت استثمارات بقيمة 380 مليار دولار إلا أن هذه الرقم يمثل هبوطا بنسبة 14 في المئة. وعلى وجه الخصوص حدث تدنٍ لقيمة الاستثمارات الداخلة إلى دول الاتحاد الأوروبي (من 339 مليار دولار في العام 2003 إلى 216 مليار دولار في العام 2004) بسبب التشدد في القوانين خصوصا تلك المتعلقة بالبيئة وكذلك الضرائب. بيد أنه كان هناك استثناء فيما يتعلق بكل من أميركا وبريطانيا إذ نجحتا في استقطاب المزيد من الاستثمارات.
الدول النامية
من جهة أخرى، ارتفعت قيمة الاستثمارات الواردة للدول النامية بنسبة 40 في المئة أو 67 مليار دولار إلى 233 مليار دولار. ويشكل هذا الرقم نحو 36 في المئة من مجموع الاستثمارات الأجنبية الداخلة في العالم في العام 2004 وهو بالتالي أفضل نتيجة منذ العام 1997. تحديدا استقطبت قارة آسيا 147 مليار دولار منها 61 مليار دولار للصين وحدها. وعلى هذا الأساس نجحت الصين في استقطاب نحو مليار ومئتي مليون دولار أسبوعيا.
ولا بأس بإجراء المزيد من التمحيص فيما يخص قارة آسيا. تحديدا كان نصيب منطقة غرب آسيا والتي تنتمي إليها دول مجلس التعاون الخليجي 9,8 مليارات دولار. حسب التقرير نجحت المملكة العربية السعودية في استقطاب ما قيمته 1,9 مليار دولار. ويمثل هذا الرقم نحو 19 في المئة من مجموع الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى منطقة غرب آسيا. كما نجحت مملكة البحرين في استقطاب 865 مليون دولار وعليه حلت في المرتبة الثانية بين دول مجلس التعاون الخليجي.
أما دول أميركا اللاتينية والكاريبي فقد نجحت في استقطاب 68 مليار دولار محققة زيادة ملحوظة قدرها 44 في المئة منهية بذلك أربع سنوات من الهبوط المستمر. لكن لم يتم تسجيل نمو يذكر في الاستثمارات الواردة لقارة إفريقيا إذ حافظت على مستواها السابق عند 18 مليار دولار.
كومنولث الدول المستقلة
وأخيراً واصلت اقتصادات جنوب شرقي أوروبا وكومنولث الدول المستقلة جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية مسجلة نموا قدره 46 في المئة أو 11 مليار دولار إلى 35 مليار دولار، وذلك على خلفية ارتفاع أسعار النفط والغاز الطبيعي.
ختاما، تؤكد الأرقام نجاح الولايات المتحدة في استقطاب أكبر قدر من الاستثمارات الأجنبية المباشرة على خلفية حجم اقتصادها والذي بدوره يساوي ربع الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كما أن حلول بريطانيا في المرتبة الثانية مؤشر على حنكة الإنجليز في جعل بلادهم محط أنظار المستثمرين الدوليين. بدورها تفرض الصين نفسها على خريطة الاستثمارات نظرا إلى تحقيق اقتصادها أعلى نسبة نمو. نختتم حديثنا يوم غد (الاثنين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1339 - السبت 06 مايو 2006م الموافق 07 ربيع الثاني 1427هـ