الوفاق أخيراً بدأت تركب قطار المشاركة ليوصلها الى مواقع أكثر امنا، ولن نقول موقعاً أكثر مثالية، لان مجلس النواب البحريني - كالمجالس العربية - لا يوجد فيها مصباح علاء الدين. فيه بعض الاسنان وان كان الفك يحتاج إلى تقوية وترميم. إذاً يجب ان نقول للناس ذلك، ويجب اخبارهم: ان البرلمان سيساهم بنسبة 20 في المئة من تغيير واقعهم على مستوى الديمقراطية السياسية والاصلاح الاقتصادي، فالبرلمان يمتلك عشرة خيوط من اللعبة السياسية، أما التسعون الباقية فهي موزعة في الخارج بين مراكز القوى المختلفة، من قوى اقتصادية تشكل الدولة 90 في المئة منها وقوى ومراكز ومؤسسات سياسية ومجتمعية وخدماتية وثقافية، لهذا نتمنى من اي مرشح قادم ان يكون واقعياً مع الجمهور فلا يؤملهم بأنهار من عسل ولبن ستشق و ستفتح في أزقة القرى والمدن بعد المشاركة. الحكومة اليوم مطالبة بعدم القاء اي لغم في وجه الوفاق يبعدها عن الدخول او يستفزها للهروب للشرنقة القديمة، بل مطالبة بتشجيع الخط السياسي الواقعي في الوفاق الذي ربما يقترب من الواقعية السياسية بعيداً عن الشعارات الفضفاضة المطاطية المسكونة بالنستولوجيا فالمقاطعة حفرة في التاريخ يجب القفز عليها. اعتقد ان اطلاق بالون «الاشتغال والانشغال» الاستفزازي الذي اطلقه في حينه الوزير محمد المطوع، كان له دور في دخول المعارضة قفص المقاطعة، فنتمنى عدم اطلاق اي بالون جديد، وعدم احراج الوفاق مع الخط المراهن على فشلها بخيار المشاركة. قبل 4 سنوات، وفي صيف الانتخابات ضيعت الوفاق اللبن الذي حاول مرارا الشيخ علي سلمان الحفاظ عليه من السقوط في حفرة المقاطعة، لكن الضغط الجماهيري المعبأ، وارتفاع وتيرة الصراخ، والصمت الذي ساد، وارتهان ذاكرة جمع غير قليل من النخب والمثقفين لثقافة المقاطعة والتاريخ وعقدة البرانويا ساهموا كثيرا في ضياع الخطاب، وتعثر الوفاق من ركوب قطار المشاركة. في حينها اعتقد ان جزءاً من المسئولين لم يسل لعابهم لدخول الوفاق، واعتقد أنهم أذكى بكثير منها، فالطعوم التي ألقيت خارج الملعب أكثر من الملعب السياسي ذاته، وكثير من الدموع التي ذرفت كانت دموعا بلاستيكية، ولان الحركة السياسية في البحرين هي إلى التأدلج اقرب منها الى السياسة سرعان ما تأكل الطعوم. ان قوى الاصلاح في البلد يهمها كثيرا وجود شخصيات متوازنة في المعارضة، تستطيع ان تتفاهم معها على خطط تقلل من التورمات المجتمعية والاحتقانات السياسية التى تفجرت اخيرا من دون رضا الاصلاح في السلطة وكذلك في المعارضة، كي تنجح الوفاق برلمانيا وخدماتيا، لابد ان تمتلك عدة أمور: لاعبين سياسيين وليسوا مؤدلجين أو مثاليين، ويجب ان تمتلك مشروعات اقتصادية وبرامج واقعية تنعكس على مستوى الخدمات على الناس، ان تهتم بملفات الفقراء في القرى، والضغط باتجاه رفع رواتب المواطنين، لأن راتب البحريني لايكاد يغطي ركبته فضلا عن ركب أبنائه، وكذلك عليها الانتقال من ثقافة المظاهرات والحشد الجماهيري والخطابات الجيفارية إلى ثقافة العمل السياسي المهني الذي يرتهن إلى لغة الارقام والحقائق، ومتابعة الملفات الخدماتية التى توفر قليلا من دلاء العسل واللبن واللوز للفقراء المحتاجين، لانه ليس من الواقعية ان نحدث الناس عن السياسة وهم يحلمون برغيف الخبز، أو نحدثهم عن فواكه الجنة وبطونهم في الدنيا خاوية من الجوع. وعلى ذكر ذلك قبل يومين وصلتني اخبار تم التأكد منها عن وجود عائلة من السنابس تبيت احيانا بلا غذاء وغذاؤها حليب مع الخبز. وسأنشر القصة لاحقا. ما نأمله من المعارضة والحكومة حدوث توافق وطني على المشتركات وتعزيز الثقة بينهم، لان اي خلل في العلاقة، الخاسر هو الوطن والناس «الغلابة» من المواطنين. يهمنا التحالف كما حدث في المغرب قبل سنين، والرابح في كل ذلك هو الوطن. ان القاء كرات النار في حضن المعارضة أو الحكومة من شأنه ان يخرب كل الديكور السياسي ويهرب كل الاصلاحيين ومن كل الأطراف
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1338 - الجمعة 05 مايو 2006م الموافق 06 ربيع الثاني 1427هـ