العدد 1338 - الجمعة 05 مايو 2006م الموافق 06 ربيع الثاني 1427هـ

فوضى ودمار أو فيدراليات!

تواصلت التحذيرات في الصحف الأميركية لإدارة جورج بوش من مغبة الانسحاب المفاجئ من العراق الأمر الذي سيحكم على هذا البلد والمنطقة بمستقبل من الفوضى والدمار والموت... لكن هناك في مجلس الشيوخ الأميركي من نصح بتقسيم العراق إلى فيدراليات إثنية كما حصل في البوسنة لتحقيق تسوية سياسية بين العراقيين وإحلال الاستقرار في هذا البلد.

انطباعات القوات الأميركية والعراقيين

وعرض جوزيف روبرت، وهو مدير شركة «جي.إي.روبرت» لتجارة العقارات، في مقال نشرته «واشنطن بوست»، ملاحظاته وانطباعاته عن العراق الذي زاره ثلاث مرات بعد الغزو. فلاحظ بداية ان القوات الأميركية مازالت مصممة على مواصلة مهمتها كاشفا ان بعض عناصر «المارينز» أكدوا له أنهم سعداء بوجودهم في العراق لأنهم يؤمنون بصوابية المهمة الموكلة إليهم. أما الملاحظة الثانية فهي ان العراقيين يدركون ان المعركة في بلادهم هي معركتهم وحدهم وليست معركة الأميركيين. فإذا اندلعت حرب أهلية هناك فإن العراقيين هم من سيدفع الثمن أما إذا تحقق النصر فإن الشعب العراقي أيضاً هو المستفيد الوحيد من هذا الانتصار. وفي هذا السياق أشار إلى ان التوافق العراقي بشأن تسمية جواد المالكي لرئاسة الحكومة يمثل فرصة حقيقية للمصالحة هناك. لافتا إلى ان جميع القادة العراقيين الذين التقاهم ومن بينهم رئيس الوزراء السابق أياد علاوي ونائب رئيس الوزراء أحمد الجلبي، أكدوا له ان رغبة العراقيين في الوحدة ستقطع الطريق على مثيري الفتن والحرب الأهلية.

الحرب ليست عسكرية بل مدنية أيضا

لكن روبرت حذر في ملاحظته الثالثة، من ان الإخفاقات الخطيرة التي تتعرض لها جهود إعادة الإعمار من شأنها تقويض التقدم على المستويين الأمني والسياسي. فمن بين الـ 300 مليار دولار التي خصصتها واشنطن للعراق أنفق منها 21 مليار فقط على إعادة البناء بينما خصص نصف هذا المبلغ لحاجات أمنية طارئة وضاغطة. مؤكدا ان هذا يتعارض مع ما كان يشدد عليه القادة الأميركيون منذ بداية الحرب وهو ان هذه المعركة ليست عسكرية فحسب بل مدنية أيضاً. وفي الختام حذر من أي انسحاب أميركي قبل الأوان من العراق أي قبل أن تصبح القوات العراقية جاهزة لتحمل المسئوليات الأمنية أو قبل أن تتجه الأوضاع السياسية والاقتصادية إلى الاستقرار. وقال ان مثل هذا الانسحاب سيحكم على العراق والمنطقة بمستقبل زاخر بالفوضى والدمار والموت ليس إلا.

«وحدة العراق = الحكم الذاتي»

وكتب جوزيف بيدن وهو سيناتور ديمقراطي وعضو في لجنة العلاقات الخارجية في «الكونغرس» الأميركي والرئيس الفخري لمجلس العلاقات الخارجية ليسلي جلب، في «نيويورك تايمز» مقالاً تحت عنوان: «الوحدة في العراق تتحقق عبر الحكم الذاتي»، اعتبرا خلالها ان الحل للأزمة العراقية هو تطبيق النموذج البوسني أي تقسيم العراق إلى ثلاث فيدراليات: كردية وسنية وشيعية. وذكرا ان البوسنة عاشت في سلام نسبي بعد تقسيمها إلى ثلاث فيدراليات مسلمة وكرواتية وصربية والسماح لكل واحدة بإنشاء جيشها الخاص. فالبوسنة اليوم، بمساعدة الأميركيين، تنعم بالسلام وتسعى إلى تعزيز موقع الحكومة المركزية وصولاً إلى حل الجيوش الثلاثة في العام المقبل. وعلى رغم الأخطاء الأميركية الاستراتيجية في العراق، رأى الرجلان ان الفرصة عينها متاحة الآن أمام إدارة بوش كي تحقق النتيجة نفسها بعد تقسيم العراق إلى فيدراليات إثنية مع الإبقاء على حكومة مركزية في بغداد قابلة للاستمرار. وقللا من أهمية قيام حكومة وحدة وطنية باعتبار ان هذه الخطوة لن توقف التدهور والدليل ان ثلاث حكومات تشكلت في العراق خلال السنوات الثلاث الماضية بمشاركة السنّة الذين حصلوا على مراكز رئيسية من دون أن يغير ذلك شيئاً في الوضع المتأزم هناك.

الحلول البديلة لمشكلات العراقيين

وعرضا حلا بديلا يتضمن 5 عناصر. الأول إنشاء ثلاث مناطق تتمتع بالحكم الذاتي إذ يتحمل السنة والشيعة والأكراد المسئولية عن قوانينهم الخاصة وشئونهم الإدارية فضلا عن أمنهم الداخلي، في حين تكون الحكومة المركزية مسئولة عن مراقبة الحدود والشئون الخارجية والنفط. أما الثاني فهو بحسب، ليدن وليسلي، إقناع السنّة بأن الخيار الفيدرالي هو الأفضل لهم وذلك عبر منحهم 20 في المئة من مجمل عائدات النفط العراقي. والثالث هو ضمان حماية حقوق المرأة والأقليات الإثنية وذلك عبر ربط المساعدات الأميركية وزيادتها بالتزام العراق باحترام هذه الحقوق. أما الرابع فيقضي بأن يقوم الرئيس العراقي بالإيعاز للجيش بوضع خطة لسحب القوات الأميركية بحلول 2008 مع الإبقاء على وحدة أميركية خاصة تكون مهمتها محاربة «الإرهابيين». والعنصر الخامس والأخير فهو برأيهما، عقد مؤتمر إقليمي تحت مظلة الأمم المتحدة للحصول على التزام من الدول المجاورة للعراق بحماية حدوده ونظامه الفيدرالي. وشددا في الختام، على ان خطتهما الخماسية هي السبيل الوحيد لتحقيق تسوية بين العراقيين وإحلال الاستقرار في هذا البلد

العدد 1338 - الجمعة 05 مايو 2006م الموافق 06 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً