رسمياً فإن الدعارة محظورة في سورية. لكن تقريراً نشر في برلين ذكر أن أقدم مهنة في التاريخ ازدهرت بصورة ملفتة للنظر في المدة الأخيرة مع زحف بائعات البغاء من الدول السابقة في المعسكر الاشتراكي الأوروبي، إذ وفدت آلاف النساء بغية الحصول على المال الوفير على وجه السرعة. لكن التقرير ذكر أيضاً أن نساء أوروبا الشرقية أصبحن يواجهن منافسة شديدة من بائعات البغاء القادمات من العراق الذي يعاني من انهيار هياكل المجتمع بسبب عدم استتباب الأمن والاستقرار فيه.
النظام السوري يغض عينه
وذكر تقرير نشره موقع «شبيغل أونلاين» أنه حين يخيم الليل على العاصمة السورية (دمشق) وهذه واحدة من أقدم مدن العالم وأكثرها ازدحاماً بالسكان، ينتشر رجال المخابرات في هذا البلد العربي الذي مازال يتمسك بالاشتراكية. لكن في عتمة الليل، في الشوارع والأزقة الرئيسية ينتشر أيضاً رجال يعرضون على الرجال من عرب وأجانب خدمات من نوع آخر ويعتمد كل شيء في النهاية عن استعداد الرجل لدفع المبلغ المناسب: لدينا كل شيء ويعتمد على قيمة المبلغ الذي أنت على استعداد لدفعه. منذ ربيع 2006 ازدهرت الدعارة في دمشق بصورة لا مثيل لها وقال التقرير ان النظام الحاكم في دمشق يغض عينه عن هذه الظاهرة.
ففي عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، والد الرئيس الحالي بشار، كانت الدعارة رائجة في دمشق لكن بائعات البغاء كن صوماليات ومغربيات وفلسطينيات ومن مخيمات اللاجئين العشرة الرسمية أو المخيمات الثلاثة غير الرسمية. وكان ينبغي على من يريد الالتقاء مع هؤلاء النساء أن يتعرف على عدد من الرجال الذين يديرون شبكة الدعارة السرية في دمشق وعلى أطرافها وقضاء بعض الوقت مع بائعات البغاء في واحدة من الشقق.
أقدم مهن التاريخ في أقدم مدن العالم
اليوم أيضاً يستمر العمل بأقدم مهنة في التاريخ في أقدم مدن العالم. داخل شقة من عدة غرف توجد امرأة وأحيانا لا يجري استخدام المانع إذ إن مرض نقص المناعة مازال غير معروف بالنسبة إلى البعض في سورية أو أنهم يتجاهلون خطر هذا المرض. وتشير تقارير إعلامية نشرت في ألمانيا قبل فترة وجيزة إلى استفحال مرض نقص المناعة في بلدان أوروبا الشرقية بصورة مثيرة للقلق واستفحال هذا المرض الفتاك بين بائعات البغاء.
وتقول مدرسة اللغة الإنجليزية رولا نصر الله (25 عاماً) التي تساعد الفتيات الفلسطينيات القاصرات بطي الصفحة السوداء في حياتهن وتأهيلهن لحياة جديدة بعيدة عن البغاء في دير يقع في أحد الأحياء القديمة في دمشق، ان الكثير من هؤلاء الفتيات تعرضن لتحرش جنسي في طفولتهن من أحد أفراد العائلة. ويقدم الدير لهؤلاء الفتيات فرصة تعلم مهنة مثل الحياكة ومساعدتهن لتحصيل قوتهن بعد فرارهن من البيت الأبوي.
لكن منذ انفتاح الاتحاد السوفياتي على العالم ازدهرت أقدم مهنة في التاريخ في سورية أيضاً وحصلت على بعد جديد. ويتجاوز عدد الملاهي الليلة الـ 120 ويكفي لبائعة الهوى أن تسجل نفسها في الملهى بوصفها راقصة باليه. ولقاء مبلغ قدره عشرة دولارات يستطيع المرء إلقاء نظرة على عالم الليل في دمشق. إذ تجلس راقصات الباليه داخل علب الليل يحتسين شراب الفودكا أو الويسكي بانتظار إشارة من مدير الملهى كل نصف ساعة.
غالبيتهن لا يعرفن الإيدز
وقالت بائعة الهوى آنا، البالغة 22 سنة من العمر والتي تنحدر من أوكرانيا، انها تعمل في دمشق على حسابها الخاص. وأبلغت موقع «شبيغل أونلاين» كيف كانت تعمل في المهنة نفسها في تركيا مع ابنة عمها وبعض صديقاتها وبعد نهاية تأشيرة السياحة التي مدتها ثلاثة أشهر حاولن تمديد الإقامة من خلال الحصول على تأشيرة عمل مؤقتة كراقصات باليه في علب الليل التركية. لكن حين ألقت الشرطة التركية القبض عليهن خلال إحدى الحملات، تم إبعادهن واخترن السفر إلى سورية كوجهة جديدة لتحصيل القوت.
أضافت آنا قولها: للأسف فإن الأسعار في سورية ليست جيدة مثلما كان الوضع في تركيا. وقالت انها كانت تطلب الحصول من الزبون في تركيا على مبلغ مئة دولار وأحياناً كانت تتقاضى المبلغ باليورو، لكنها لا تحصل في دمشق على مبلغ يزيد عن عشرين دولاراً. وعلاوة على ذلك تفسد على الأوروبيات الشرقيات منافساتهن الوافدات من العراق اللواتي نزحن بالآلاف منذ اندلاع الحرب وهكذا حصل تراجع كبير على الأسعار.
وبشأن مرض الإيدز لا تعرف آنا وصديقاتها أكثر من أن هذا المرض منتشر بين المدمنين على المخدرات. وقالت انه لا يزعجها أبدا كونها تترك الفندق الكائن في وسط المدينة قرب ساحة الشهداء الذي تقيم وتستقبل زبائنها فيه، مدة لا تزيد عن ثلاث ساعات في اليوم، مضيفة: «كما في العواصم الأوروبية شروط هنا توجد شروط أيضاً ينبغي عدم مخالفتها، إذ يسمح لنا مغادرة الفندق خلال النهار لقضاء حاجاتنا». وغالبية عائلات هؤلاء الفتيات في القرى الأوكرانية لايعرفن حقيقة ماتفعله بناتهن لكنهن سعداء لأن بناتهن يرسلن لها باستمرار بضع مئات من الدولارات كل شهر.
العراقيات بدل الروسيات
منذ اندلاع حرب العراق في العام 2003 جئن آلاف النساء العراقيات اللواتي يبعن أجسادهن وسيطرن على فندق الأربع نجوم «لو مريديان» ونجحن في طرد بائعات الهوى الروسيات منه. وعلى رغم أن الدعارة جريمة يعاقب عليها القانون وتصل غرامتها إلى الحبس حتى ست سنوات ودفع غرامة مالية عالية، فإن سلطات الأمن التابعة لهذا الفندق تغض النظر ويقول التقرير: حين يدخل الزبائن في نهاية الليل بهو الفندق متوجهين إلى غرفهم وبصحبتهم بائعات الهوى يحصل رجال الأمن لاحقاً على نصيب من المبلغ الذي دفعه الزبون.
فندق وحيد يحرم المهنة
فندق الخمسة نجوم الوحيد في دمشق هو فندق «فور سيزونز» الذي افتتح أخيراً في دمشق، ووفقاً لمديره العام ماركوس إيزيلي (44 عاما)، هو الفندق الوحيد وفقاً للمعايير الدولية إذ يفرض فيه نظام أمن صارم. ويحرص رجال أمن هذا الفندق على عدم السماح لبائعات الهوى دخول بار الفندق أو المطاعم الملحقة به بحثا عن زبائن. وقال إيزيلي الذي ينحدر من سويسرا والضحكة على فمه: «في الغضون بتن بائعات الهوى ينصحن بعضهن البعض بعدم المغامرة بتجربة حظهن بدخول فندقنا كي لا ينتهي الأمر بهن إلى السجن»
العدد 1338 - الجمعة 05 مايو 2006م الموافق 06 ربيع الثاني 1427هـ