شهدت قاعة مأتم السنابس مساء السبت الماضي اجتماعاً من نوع خاص جداً، إذ تم افتتاح دورة تعليمية لفئة الصم للتدريب على بعض تطبيقات الكومبيوتر والانترنت. وحضر الافتتاح عدد من الأطباء المختصين وأساتذة الجامعة ومسئولي الجمعيات الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة.
باسم المعلم، موظف بإحدى الوزارات الحكومية، يعاني من الإعاقة السمعية، تكلم بلغة الإشارة نيابة عن زملائه، وأشار بأسى إلى وجود فئة كبيرة من المجتمع مازالت تستهين بذوي الاحتياجات الخاصة وتحاول تهميشهم، وبالذات الصم، ولم ينس في المقابل توجيه الشكر لمنظمي الدورة والحاضرين لاهتمامهم بالحضور.
محافظ الشمالية أحمد بن سلوم دعا المؤسسات الأهلية والرسمية إلى القيام بدورها في مساعدتهم، في الوقت الذي أعلن أحد المخابز الوطنية عن توظيف ثلاثة من الشباب العاطلين منهم، في بادرة تضامنية جميلة.
هذه الفئة الصامتة على هامش المجتمع، ليست لها جمعية تدافع عن حقوقها، من هنا تكتسب هذه المبادرات الطيبة أهميتها، إذ تفتح لهم أبوابا لاكتساب بعض المهارات العملية التي ستساعدهم في حياتهم وربما كسب معيشتهم.
هذه الدورة لها حكاية جميلة ينبغي أن تروى، ففي مساء 22 مارس/ آذار الماضي، وبينما كانت مجموعة من الصم تمثل مسرحية دينية تاريخية على مسرح إحدى المدارس، كان من بين المشاهدين شاب بحريني اسمه بشار، يعمل بإحدى الوزارات في مجال تقنية المعلومات. وفي طريقه إلى منزله، كان يفكر في طريقة يخدم بها هؤلاء، فلاحت له فكرة تنظيم دورة خاصة لهم، فاتصل مباشرة بمخرج المسرحية لينقل له الاقتراح، فنقله بدوره إلى لجنة الصم بمأتم النعيم. وخلال أسبوع واحد اجتمعت اللجنة بالشاب لتدارس فكرته ووضعها موضع التنفيذ. وهكذا أرسلت «مسجات» للمعنيين، فبادر نحو ثلاثين شابا من مختلف المناطق لتسجيل أسمائهم. وهكذا انتقلت الفكرة إلى حيز التنفيذ، إذ تضافرت جهود اللجنة مع مأتم السنابس، المجهز بأجهزة حاسوب للتعليم والأنشطة الدينية بالمنطقة.
في ليلة الافتتاح، لم يكن بالإمكان تصور مدى فرحتهم... ليس للتدرب على مهارات فنية بل أيضا لخروجهم إلى فضاء مجتمع طالما كان ينظر إليهم بكثير من الإهمال إن لم يكن الاحتقار. تاجر بحريني تجاوز الخمسين كان إلى جانبي، قال: هل تتصور انه قبل أربعين عاما، عندما كان الأصم يمر بالشارع، يرميه بعض الأطفال بالحجارة. اليوم هناك وعي عام والحمد لله، إذ بدأت مؤسسات المجتمع تحتضن أنشطة راقية من هذا القبيل.
كان من بين الحضور فؤاد شهاب، من مركز سلطان لتنمية السمع والنطق، تكلم عن مسئوليتنا كمجتمع إسلامي في تغيير نظرة العطف تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، والنظر إلى الطفل على انه نعمة، وعلينا العمل معه كي يتجاوز الإعاقة. وأضاف اننا نسهم في شل عقولهم عندما نقصر توظيفهم في أعمال مثل مواقف السيارات، ولا نفكر فيما هو أكبر بما يناسب طاقاتهم وإمكاناتهم الكبيرة.
الشاب صاحب المبادرة، ترك العمل الإضافي مساء بمعهد خاص ليتفرغ لتدريس هؤلاء الشباب، وسبق له تنظيم دورة أخرى بالتعاون مع جمعية الصداقة للمكفوفين. بلاد تنبت الخير... ونماذج ترفع الرأس
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 1337 - الخميس 04 مايو 2006م الموافق 05 ربيع الثاني 1427هـ